له سبحانه وتعالى ملك السماوات والأرض، وبيده مفاتيح الرحمة والأرزاق، يوسِّع رزقه على مَن يشاء مِن عباده ويضيِّقه على مَن يشاء، إنه تبارك وتعالى بكل شيء عليم، لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«له مقاليد السماوات والأرض» أي مفاتيح خزائنهما من المطر والنبات وغيرهما «يبسط الرزق» يوسعه «لمن يشاء» امتحاناً «ويقدر» يضيقه لمن يشاء ابتلاءً «إنه بكل شيء عليم».
﴿ تفسير السعدي ﴾
وقوله: لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أي: له ملك السماوات والأرض، وبيده مفاتيح الرحمة والأرزاق، والنعم الظاهرة والباطنة. فكل الخلق مفتقرون إلى اللّه، في جلب مصالحهم، ودفع المضار عنهم، في كل الأحوال، ليس بيد أحد من الأمر شيء.واللّه تعالى هو المعطي المانع، الضار النافع، الذي ما بالعباد من نعمة إلا منه، ولا يدفع الشر إلا هو، و مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ولهذا قال هنا: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ أي: يوسعه ويعطيه من أصناف الرزق ما شاء، وَيَقْدِرُ أي: يضيق على من يشاء، حتى يكون بقدر حاجته، لا يزيد عنها، وكل هذا تابع لعلمه وحكمته، فلهذا قال: إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فيعلم أحوال عباده، فيعطي كلا ما يليق بحكمته وتقتضيه مشيئته.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( له مقاليد السماوات والأرض ) مفاتيح الرزق في السموات والأرض . قال الكلبي : المطر والنبات . ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) لأن مفاتيح الرزق بيده ، ( إنه بكل شيء عليم ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى: له وحده مفاتيح خزائنهما، وله وحده- أيضا- ملك هذه الخزائن، لأن ملك مفاتيحها يستلزم ملكها.والمقاليد: جمع مقلاد أو إقليد وهو المفتاح.يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أى: هو- سبحانه- الذي يوسع الرزق لمن شاء أن يوسعه له، ويضيقه على من يشاء أن يضيقه عليه.إِنَّهُ- تعالى-: بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة قد أقامت أوضح الأدلة وأقواها، على وحدانية الله- تعالى- وكمال قدرته.ثم أكد- سبحانه- الحقيقة التي افتتحت بها السورة الكريمة، وهي وحدة الأديان في جوهرها وأصولها، وبين الأسباب التي أدت إلى اختلاف الناس في عقائدهم، وأرشد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى أفضل الأساليب في الدعوة إلى الحق، فقال- تعالى-:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( له مقاليد السموات والأرض ) تقدم تفسيره في " سورة الزمر " ، وحاصل ذلك أنه المتصرف الحاكم فيهما ، ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) أي : يوسع على من يشاء ، ويضيق على من يشاء ، وله الحكمة والعدل التام ، ( إنه بكل شيء عليم )
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليمقوله تعالى : له مقاليد السماوات والأرض تقدم في ( الزمر ) بيانه . النحاس : والذي يملك المفاتيح يملك الخزائن ، يقال للمفتاح : إقليد ، وجمعه على غير قياس ، كمحاسن والواحد حسن . ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم ) تقدم أيضا في غير موضع .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)يعني تعالى ذكره بقوله: ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) : له مفاتيح خزائن السموات والأرض وبيده مغاليق الخير والشر ومفاتيحها, فما يفتح من رحمة فلا ممسك لها, وما يمسك فلا مرسل له من بعده.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال: مفاتيح بالفارسية.حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال: مفاتيح السموات والأرض. وعن الحسن بمثل ذلك.ثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال: خزائن السموات والأرض.وقوله: ( يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ) يقول: يوسع رزقه وفضله على من يشاء من خلقه, ويبسط له, ويكثر ماله ويغنيه. ويقدر: يقول: ويقتر على من يشاء منهم فيضيقه ويفقره.( إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) يقول: إن الله تبارك وتعالى بكل ما يفعل من توسيعه على من يوسع, وتقتيره على من يقتر, ومن الذي يُصلحه البسط عليه في الرزق, ويفسده من خلقه, والذي يصلحه التقتير عليه ويفسده, وغير ذلك من الأمور, ذو علم لا يخفى عليه موضع البسط والتقتير وغيره, من صلاح تدبير خلقه.يقول تعالى ذكره: فإلى من له مقاليد السموات والأرض الذي صفته ما وصفت لكم في هذه الآيات أيها الناس فارغبوا, وإياه فاعبدوا مخلصين له الدين لا الأوثان والآلهة والأصنام, التي لا تملك لكم ضرّا ولا نفعا.
﴿ له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم ﴾