﴿ أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، مسليا له عن امتناع المكذبين عن الاستجابة له، وأنهم لا خير فيهم، ولا فيهم زكاء يدعوهم إلى الهدى: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أي: الذين لا يسمعون أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ الذين لا يبصرون،أو تهدي مَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ أي: بَيِّنٌ واضح، لعلمه بضلاله، ورضاه به.فكما أن الأصم لا يسمع الأصوات، والأعمى لا يبصر، والضال ضلالا مبينا لا يهتدي، فهؤلاء قد فسدت فطرهم وعقولهم، بإعراضهم عن الذكر، واستحدثوا عقائد فاسدة، وصفات خبيثة، تمنعهم وتحول بينهم وبين الهدى، وتوجب لهم الازدياد من الردى، فهؤلاء لم يبق إلا عذابهم ونكالهم، إما في الدنيا، أو في الآخرة، ولهذا قال تعالى:
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وبعد هذا التوبيخ الشديد للمعرض عن ذكر الله ولشيطانه، يوجه الله- تعالى- خطابه لنبيه صلّى الله عليه وسلّم ليزيده تسلية وتثبيتا فيقول: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.والاستفهام للنفي أى: أفأنت- أيها الرسول الكريم- تستطيع أن تسمع الصم صوتك، أو أن تهدى الذين انطمست بصائرهم إلى الطريق الحق. أو أن تخرج من كان في الضلال الواضح إلى الهدى والرشاد؟كلا إنك لن تستطيع ذلك، لأن الهداية والإضلال، من الله- تعالى- وحده. وأنت- أيها الرسول الكريم- عليك البلاغ ونحن علينا الحساب.فالمقصود من الآية الكريمة تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونهيه من أن يضيق صدره بسبب إعراضهم المستمر عن دعوة الحق، وبيان أن الهداية والإضلال بيد الله- تعالى- وحده.وسماهم- سبحانه- صما وعميا، مع أنهم يسمعون ويبصرون، لأنهم بمنزلة الصم والعمى في عدم انتفاعهم بالهدى والرشاد الذي جاءهم به صلّى الله عليه وسلّم.وقوله- تعالى-: وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ معطوف على العمى والصم باعتبار تغاير الصفات.أى: أنت- أيها الرسول الكريم- لن تستطيع هداية من كان أصم وأعمى، ومن كان مصرا على الضلال المبين وما دام الأمر كذلك فسر في طريقك، دون أن تذهب نفسك عليهم حسرات..
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ) يعني الكافرين الذين حقت عليهم كلمة العذاب لا يؤمنون .