﴿ والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وهذا تقرير لقوله: لا حجة بيننا وبينكم، فأخبر هنا أن الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ بالحجج الباطلة، والشبه المتناقضة مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ أي: من بعد ما استجاب للّه أولو الألباب والعقول، لما بين لهم من الآيات القاطعة، والبراهين الساطعة، فهؤلاء المجادلون للحق من بعد ما تبين حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ أي: باطلة مدفوعة عِنْدَ رَبِّهِمْ لأنها مشتملة على رد الحق وكل ما خالف الحق، فهو باطل. وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ لعصيانهم وإعراضهم عن حجج اللّه وبيناته وتكذيبها. وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ هو أثر غضب اللّه عليهم، فهذه عقوبة كل مجادل للحق بالباطل.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة الذين يجادلون بالباطل فقال: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ، حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ.وقوله: داحِضَةٌ من الدحض بمعنى الزلل والزوال. وأصله: الطين الذي لا تستقر عليه الأقدام. يقال: دحضت رجل فلان، إذا زلت وزلقت.أى: والذين يخاصمون في الله. أى: في دينه وشريعته، مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ أى:من بعد أن استجاب العقلاء من الناس لهذا الدين الحق، واتبعوا رسوله.حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ أى: حجة هؤلاء المجادلين بالباطل، زائلة وزاهقة وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ لا يقادر قدره من ربهم وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ يوم القيامة.ثم بين- سبحانه- حال الكافرين والمؤمنين بالنسبة ليوم القيامة، كما بين جانبا من فضله على عباده، ومن رحمته بهم، فقال- تعالى-:
﴿ تفسير البغوي ﴾
( والذين يحاجون في الله ) يخاصمون في دين الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - . وقال قتادة : هم اليهود قالوا : كتابنا قبل كتابكم ، ونبينا قبل نبيكم ، فنحن خير منكم ، فهذه خصومتهم . ( من بعد ما استجيب له ) أي : استجاب له الناس فأسلموا ودخلوا في دينه لظهور معجزته ، ( حجتهم داحضة ) خصومتهم باطلة ، ( عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد ) في الآخرة .