إعراب الآية 65 من سورة القصص - إعراب القرآن الكريم - سورة القصص : عدد الآيات 88 - - الصفحة 393 - الجزء 20.
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) هو { يوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون } [ القصص : 62 ] . كرر الحديث عنه باعتبار تعدد ما يقع فيه لأن مقام الموعظة يقتضي الإطناب في تعداد ما يستحق به التوبيخ . وكررت جملة { يوم يناديهم } لأن التكرار من مقتضيات مقام الموعظة . وهذا توبيخ لهم على تكذيبهم الرسل بعد انقضاء توبيخهم على الإشراك بالله .
والمراد : ماذا أجبتم المرسلين في الدعوة إلى توحيد الله وإبطال الشركاء . والمراد ب { المرسلين } محمد صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى في سورة [ سبأ : 45 ] { فكذبوا رسلي } وله نظائر في القرآن منها قوله { ثم ننجي رسلنا والذين ءامنوا } يريد محمداً صلى الله عليه وسلم في سورة [ يونس : 103 ] وقوله { كذبت قوم نوح المرسلين } الآيات في سورة [ الشعراء : 105 ] ، وإنما كذب كل فريق من أولئك رسولاً واحداً . والذي اقتضى صيغة الجمع أن جميع المكذبين إنما كذبوا رسلهم بعلة استحالة رسالة البشر إلى البشر فهم إنما كذبوا بجنس المرسلين ، ولام الجنس إذا دخلت على ( جميع ) أبطلت منه معنى الجمعية .
والاستفهام ب { ماذا } صوري مقصود منه إظهار بلبلتهم . و ( ذا ) بعد ( ما ) الاستفهامية تعامل معاملة الموصول ، أي ما الذي أجبتم المرسلين ، أي ما جوابكم . و { الأنباء } : جمع نبأ ، وهو الخبر عن أمر مهم ، والمراد به هنا الجواب عن سؤال { ماذا أجبتم المرسلين } لأن ذلك الجواب إخبار عما وقع منهم مع رسلهم في الدنيا .
والمعنى : عميت الأنباء على جميع المسؤولين فسكتوا كلهم ولم ينتدب زعماؤهم للجواب كفعلهم في تلقي السؤال السابق : { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } [ القصص : 62 ] .
ومعنى { عميت } خفيت عليهم وهو مأخوذ من عمى البصر لأنه يجعل صاحبه لا يتبين الأشياء ، فتصرفت من العمى معان كثيرة متشابهة يبينها تعدية الفعل كما عدي هنا بحرف ( على ) المناسب للخفاء . ويقال : عمي عليه الطريق . إذا لم يعرف ما يوصل منه ، قال عبد الله بن رواحة :
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع
والمعنى : خفيت عليهم الأنباء ولم يهتدوا إلى جواب وذلك من الحيرة والوهل فإنهم لما نودوا { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } [ القصص : 62 ] انبرى رؤساؤهم فلفقوا جواباً عدلوا به عن جادة الاستفهام إلى إنكار أن يكونوا هم الذين سنوا لقومهم عبادة الأصنام ، فلما سئلوا عن جواب دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم عيوا عن الجواب فلم يجدوا مغالطة لأنهم لم يكونوا مسبوقين من سلفهم بتكذيب الرسول فإن الرسول بعث إليهم أنفسهم .