إعراب الآية 47 من سورة غافر - إعراب القرآن الكريم - سورة غافر : عدد الآيات 85 - - الصفحة 472 - الجزء 24.
وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47) يجوز أن يكون { إذ } معمولاً ل ( اذْكُرْ ) محذوففٍ فيكون عطفاً على جملة { وأنذرهم يوم الأزِفَةِ } ، والضميرُ عائداً إلى { الذِّينَ يجادلون في ءاياتت الله بِغَيْرِ سلطان } [ غافر : 35 ] وما بين هذا وذاك اعتراض واستطراد لأنها قصد منها عظة المشركين بمن سبقهم من الأمم المكذبين فلما استُوفي ذلك عاد الكلام إليهم . ويفيد ذلك صريحَ الوعيد للمشركين بعد أن ضُربت لهم الأمثال كما قال تعالى : { وللكافرين أمثالها } [ محمد : 10 ] ، وقد تكرر في القرآن موعظة المشركين بمثل هذا كقوله تعالى : { إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا } الآية في سورة [ البقرة : 166 ] ، وقوله : { قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار } الآية في سورة [ الأعراف : 38 ] .
( ويجوز أن تكون { وَإذْ يَتَحَآجُّونَ } عطفاً على جملة { ويوم تقوم الساعة ادخلوا ءالَ فرعونَ أشدَّ العذاب } [ غافر : 46 ] لأن ( إذْ ) و ( يومَ ) كليهما ظرف بمعنى ( حين ) ، فيكون المعنى : وحين تقوم الساعة يقال : أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب ، وحين يتحاج أهل النار فيقول الضعفاء الخ .
وقرن { فَيَقُولُ الضعفاؤا } بالفاء لإِفادة كون هذا القول ناشئاً عن تحاجّهم في النار مع كون ذلك دَالاً على أنه في معنى متعلَّق { إذ ، وهذا استعمال من استعمالات الفاء التي يسميها النحاة زائدة ، وأثبت زيادتها جماعة منهم الأخفش والفراء والأعلم وابن بَرهان ، وحكاه عن أصحابه البصريين . وضمير يتحاجون } على هذا الوجه عائد إلى آل فرعون . ويفيد مع ذلك تعريضاً بوعيد المشركين كما هو مقتضى المماثلة المسوقة وضمير { يتحاجون } غير عائد إلى { ءَالَ فِرعونَ } [ غافر : 46 ] لأن ذلك يأباه قوله : { وقال الذين في النار لِخَزنة جهنم ادعوا ربكم } [ غافر : 49 ] وقوله : { أَوَلَمْ تَكُ تَأتيكم رُسُلكم بالبينات } [ غافر : 50 ] ولم يَأت آل فرعون إلا رسول واحد هو موسى عليه السلام فيعود ضمير { يتحاجون } إلى معلوم من المقام وهم أهل النار .
والتحاجّ : الاحتجاج من جانبين فأكثرَ ، أي إقامة كل فريق حجته وهو يقتضي وقوع خلاف بين المتحاجّين إذ الحجة تأييد لدعوى لدفع الشك في صحتها .
والضعفاء : عامة الناس الذين لا تصرُّف لهم في أمور الأمة . والذين استكبروا : سادة القوم ، أي الذين تكبروا كِبْراً شديداً ، فالسين والتاء فيه للمبالغة . وقول الضعفاء للكبراء هذا الكلامَ يحتمل أنه على حقيقته فهو ناشىء عما اعتادوه من اللجإ إليهم في مهمهم حين كانوا في الدنيا فخالوا أنهم يتولون تدبير أمورهم في ذلك المكان ولهذا أجاب الذين استكبروا بما يفيد أنهم اليوم سواء في العجز وعدم الحيلة فقالوا : { إنَّا كُلٌّ فِيهَآ } أي لو أغنينا عنكم لأغنينا عن أنفسنا .
وتقديم قولهم : { إنَّا كُنَّا لَكُم تبعَاً } على طلب التخفيف عنهم من النار ، مقدمة للطلب لقصد توجيهه وتعليله وتذكيرهم بالولاء الذي بينهم في الدنيا ، يلهمهم الله هذا القول لافتضاح عجز المستكبرين أن ينفعوا أتباعهم تحقيراً لهم جزاء على تعاظمهم الذي كانوا يتعاظمون به في الدنيا .
ويحتمل أن قول الضعفاء ليس مستعملاً في حقيقة الحث على التخفيف عنهم ولكنه مستعمل في التوبيخ ، أي كنتم تدعوننا إلى دين الشرك فكانت عاقبة ذلك أنا صرنا في هذا العذاب فهل تستطيعون الدفع عنا . وتأكيد { إنَّا كنا لكُم تَبَعاً } ب ( إنَّ ) للاهتمام بالخبر وليس لرد إنكار .
والتبع : اسم لمن يتبع غيره ، يستوي فيه الواحد والجمع ، وهو مثل خَدَم وَحَشَم لأن أصله مصدر ، فلذلك استوى فيه الواحد والجمع ، وقيل التَبَع : جمع لا يجري على الواحد ، فهو إذن من الجموع النادرة .
والاستفهام في قوله : { فَهَلْ أنتُم مُغْنُونَ } مستعمل في الحث واللوم على خذلانهم وترك الاهتمام بما هم فيه من عذاب .
وجيء بالجملة الاسمية الدالة على الثبات ، أي هل من شأنكم أنكم مغنون عنّا . و { مغنون } اسم فاعل من أغنى غناء بفتح الغين والمدّ ، أي فائدة وإجزاء .
والنصيب : الحَظ والحصة من الشيء ، قال تعالى : { للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } إلى قوله : { نصيباً مفروضاً } [ النساء : 7 ] .
المصدر : إعراب : وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا