أفلا يرجع هؤلاء النصارى إلى الله تعالى، ويتولون عمَّا قالوا، ويسألون الله تعالى المغفرة؟ والله تعالى متجاوز عن ذنوب التائبين، رحيمٌ بهم
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه» مما قالوا. استفهام توبيخ «والله غفور» لمن تاب «رحيم» به.
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم دعاهم إلى التوبة عما صدر منهم، وبين أنه يقبل التوبة عن عباده فقال: أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ ْ أي: يرجعون إلى ما يحبه ويرضاه من الإقرار لله بالتوحيد، وبأن عيسى عبد الله ورسوله، عما كانوا يقولونه وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ْ عن ما صدر منهم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ْ أي: يغفر ذنوب التائبين، ولو بلغت عنان السماء، ويرحمهم بقبول توبتهم، وتبديل سيئاتهم حسنات. وصدر دعوتهم إلى التوبة بالعرض الذي هو غاية اللطف واللين في قوله: أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ ْ
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ) ؟ قال الفراء : هذا أمر بلفظ الاستفهام كقوله تعالى : فهل أنتم منتهون ( المائدة ، 91 ) ، أي : انتهوا ، والمعنى : أن الله [ يأمركم ] بالتوبة والاستغفار من هذا الذنب العظيم ، ( والله غفور رحيم )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وبعد هذا الترهيب الشديد للكافرين من العذاب الأليم، فتح لهم- سبحانه- باب رحمته، حيث رغبهم في الإيمان، وأنكر عليهم تقاعسهم عنه بعد أن ثبت بطلان ما هم عليه من عقائد فقال- تعالى-: أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.والاستفهام هنا يتضمن حضهم على التوبة والرجوع إلى الحق وتوبيخهم على ما كان منهم من ضلال والتعجيب من استمرارهم على كفرهم وعقائدهم الفاسدة التي لا يقبلها عقل سليم، ولا تصور قويم.والفاء للعطف على مقدر يقتضيه الكلام. أى: أيسمعون ما يسمعون من الحق الذي يزهق باطلهم ومن النذر التي ترقق القلوب فلا يحملهم ذلك على التوبة والرجوع إلى الله وطلب مغفرته، والحال أنه- سبحانه- عظيم المغفرة واسع الرحمة لمن آمن وعمل صالحا.إن إصرارهم على كفرهم بعد تفنيده وإبطاله، وبعد تحذيرهم من سوء عاقبة الكافرين ليدل على أنهم قوم ضالون خاسرون يستحقون أن يكونوا محل عجب الناس وإهمالهم.قال أبو السعود: وقوله وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ جملة حالية من فاعل يَسْتَغْفِرُونَهُ مؤكدة للإنكار والتعجيب من إصرارهم على الكفر وعدم مسارعتهم إلى الاستغفار.أى: والحال أن الله: - تعالى- مبالغ في المغفرة. فيغفر لهم عند استغفارهم ويمنحهم من فضله» .وقال ابن كثير: هذا من كرمه- تعالى- وجوده ولطفه ورحمته بخلقه. مع هذا الذنب العظيم، وهذا الافتراء والكذب والإفك، يدعوهم إلى التوبة والمغفرة. فكل من تاب إليه تاب عليه. كما قال وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيغفر لهؤلاء إن تابوا ولغيرهم .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ثم قال : ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) وهذا من كرمه تعالى وجوده ولطفه ورحمته بخلقه ، مع هذا الذنب العظيم وهذا الافتراء والكذب والإفك ، يدعوهم إلى التوبة والمغفرة ، فكل من تاب إليه تاب عليه
﴿ تفسير القرطبي ﴾
أفلا يتوبون تقرير وتوبيخ . أي : فليتوبوا إليه وليسألوه ستر ذنوبهم ; والمراد الكفرة منهم ، وإنما خص الكفرة بالذكر لأنهم القائلون بذلك دون المؤمنين .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أفلا يرجع هذان الفريقان الكافران (16) = القائل أحدهما: " إن الله هو المسيح ابن مريم "، والآخر القائل: " إن الله ثالث ثلاثة " = عما قالا من ذلك، ويتوبان مما قالا ونطقا به من كفرهما، (17) ويسألان ربهما المغفرة مما قالا =" والله غفور "، لذنوب التائبين من خلقه، المنيبين إلى طاعته بعد معصيتهم=" رحيم " بهم، في قبوله توبتَهم ومراجعتهم إلى ما يحبّ مما يكره، فيصفح بذلك من فعلهم عما سلَف من أجرامهم قبل ذلك. (18)---------------الهوامش :(16) انظر تفسير"التوبة" فيما سلف من فهارس اللغة (توب).(17) في المطبوعة: "وقطعا به من كفرهما" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب.(18) انظر تفسير"استغفر" و"غفور" فيما سلف من فهارس اللغة (غفر) = وتفسير"رحيم" فيما سلف من فهارس اللغة (رحم).
﴿ أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ﴾