فأيُّ شيء يمنعهم من الإيمان بالله واليوم الآخر بعد ما وُضِّحت لهم الآيات؟ وما لهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لله، ولا يسلِّمُون بما جاء فيه؟ إنما سجية الذين كفروا التكذيب ومخالفة الحق. والله أعلم بما يكتمون في صدورهم من العناد مع علمهم بأن ما جاء به القرآن حق، فبشرهم -أيها الرسول- بأن الله- عز وجل- قد أعدَّ لهم عذابًا موجعًا، لكن الذين آمنوا بالله ورسوله وأدَّوْا ما فرضه الله عليهم، لهم أجر في الآخرة غير مقطوع ولا منقوص.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«والله أعلم بما يوعون» يجمعون في صحفهم من الكفر والتكذيب وأعمال السوء.
"والله أعلم بما يوعون". في صدورهم من التكذيب. قال مجاهد: يكتمون.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ كلام معترض بين سابقه ولا حقه، والمقصود به التهديد والوعيد.ومعنى «يوعون» يضمرون ويخفون ويسرون، وأصل الإيعاء حفظ الأمتعة في الوعاء، يقال: أوعى فلان الزاد والمتاع، إذا جعله في الوعاء، والمراد به هنا: الإضمار والإخفاء، كما في قول الشاعر: والشر أخبث ما أوعيت من زاد.أى: والله- تعالى- أعلم من كل أحد، بما يضمره هؤلاء الكافرون، وبما يخفونه في صدورهم من تكذيب للحق، ومن جحود للقرآن الكريم، ومن معاداة للمؤمنين.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قال مجاهد وقتادة يكتمون في صدورهم.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
والله أعلم بما يوعون أي بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب . كذا روى الضحاك عن ابن عباس . وقال مجاهد : يكتمون من أفعالهم . ابن زيد : يجمعون من الأعمال الصالحة والسيئة ; مأخوذ من الوعاء الذي يجمع ما فيه ; يقال : أوعيت الزاد والمتاع : إذا جعلته في الوعاء ; قال الشاعر :الخير أبقى وإن طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زادووعاه أي حفظه ; تقول : وعيت الحديث أعيه وعيا ، وأذن واعية . وقد تقدم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ) يقول تعالى ذكره: والله أعلم بما تُوعيه صدور هؤلاء المشركين من التكذيب بكتاب الله ورسوله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يُوعُونَ ) قال: يكتمون .حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ) قال: المرءُ يُوعِي متاعه وماله هذا في هذا، وهذا في هذا، هكذا يعرف الله ما يوعون من الأعمال، والأعمال السيئة مما تُوعيه قلوبهم، ويجتمع فيها من هذه الأعمال الخير والشر، فالقلوب وعاء هذه الأعمال كلها، الخير والشرّ، يعلم ما يسرّون وما يعلنون، ولقد وَعَى لكم ما لا يدري أحد ما هو من القرآن وغير ذلك، فاتقوا الله وإياكم أن تدخلوا على مكارم هذه الأعمال بعض هذه الخبث ما يفسدها .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( يُوعُونَ ) قال في صدورهم.