الله وحده هو الذي خلق سبع سموات، وخلق سبعًا من الأرَضين، وأنزل الأمر مما أوحاه الله إلى رسله وما يدبِّر به خلقه بين السموات والأرض؛ لتعلموا- أيها الناس- أن الله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، فلا يخرج شيء عن علمه وقدرته.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن» يعني سبع أرضين «يتنزل الأمر» الوحي «بينهن» بين السماوات والأرض ينزل به جبريل من السماء السابعة إلى الأرض السابعة «لتعلموا» متعلق بمحذوف، أي أعلمكم بذلك الخلق والتنزيل «أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما».
﴿ تفسير السعدي ﴾
[ثم] أخبر [تعالى] أنه خلق الخلق من السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن، وما بينهن، وأنزل الأمر، وهو الشرائع والأحكام الدينية التي أوحاها إلى رسله لتذكير العباد ووعظهم، وكذلك الأوامر الكونية والقدرية التي يدبر بها الخلق، كل ذلك لأجل أن يعرفه العباد ويعلموا إحاطة قدرته بالأشياء كلها، وإحاطة علمه بجميع الأشياء فإذا عرفوه بأوصافه المقدسة وأسمائه الحسنى وعبدوه وأحبوه وقاموا بحقه، فهذه الغاية المقصودة من الخلق والأمر معرفة الله وعبادته، فقام بذلك الموفقون من عباد الله الصالحين، وأعرض عن ذلك، الظالمون المعرضون.[تم تفسيرها والحمد لله]
﴿ تفسير البغوي ﴾
( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) [ في العدد ] ( يتنزل الأمر بينهن ) بالوحي من السماء السابعة إلى الأرض السفلى .قال أهل المعاني : هو ما يدبر فيهن من عجيب تدبيره ، فينزل المطر ويخرج النبات ، ويأتي بالليل والنهار والصيف والشتاء ، ويخلق الحيوان على اختلاف هيئاتها وينقلها من حال إلى حال .وقال قتادة : في كل أرض من أرضه وسماء من سمائه خلق من خلقه وأمر من أمره وقضاء من قضائه .( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) فلا يخفى عليه شيء .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بما يدل على كمال قدرته، وسعة علمه فقال: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ...أى: الله- تعالى- وحده هو الذي خلق سبع سماوات طباقا وخلق من الأرض مثلهن، أى: في العدد فهي سبع كالسماوات.والتعدد قد يكون باعتبار أصول الطبقات الطينية والصخرية والمائية والمعدنية، وغير ذلك من الاعتبارات التي لا يعلمها إلا الله- تعالى-.قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية يقول- تعالى- مخبرا عن قدرته التامة، وسلطانه العظيم، ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع من الدين القويم: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ كقوله- تعالى- إخبارا عن نوح أنه قال لقومه: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ... وقال- تعالى- تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ.وقوله: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أى: سبعا- أيضا- كما ثبت في الصحيحين: «من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه مع سبع أرضين» .وفي صحيح البخاري: «خسف به إلى سبع أرضين ... »ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم، فقد أبعد النجعة، وأغرق في النزع، وخالف القرآن والحديث بلا مستند.. .وقال الآلوسى: الله الذي خلق سبع سماوات مبتدأ وخبر وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أى:وخلق من الأرض مثلهن، على أن مِثْلَهُنَّ مفعول لفعل محذوف، والجملة معطوفة على الجملة قبلها.والمثلية تصدق بالاشتراك في بعض الأوصاف، فقال الجمهور: هي هنا في كونها سبعا وكونها طباقا بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والأرض، وفي كل أرض سكان من خلق الله، لا يعلم حقيقتهم أحد إلا الله- تعالى-.وقيل: المثلية في الخلق لا في العدد ولا في غيره، فهي أرض واحدة مخلوقة كالسماوات السبع.ورد هذا القيل بأنه قد صح من رواية البخاري وغيره، قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن ... » .والذي نراه أن كون المثلية في العد، هو المعول عليه، لورود الأحاديث الصحيحة التي صرحت بأن الأرضين سبع، فعلينا أن نؤمن بذلك، وأن نرد كيفية تكوينها، وهيئاتها، وأبعادها، ومساحاتها، وخصائصها.. إلى علم الله- تعالى-.وقوله: يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ أى: يجرى أمر الله- تعالى- وقضاؤه وقدره بينهن، وينفذ حكمه فيهن، فالمراد بالأمر: قضاؤه وقدره ووحيه.واللام في قوله- تعالى-: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً متعلقة بقوله خَلَقَ ...أى: خلق- سبحانه- سبع سماوات ومن الأرض مثلهن، وأخبركم بذلك، لتعلموا علما تاما أن الله- تعالى- على كل شيء قدير، وأن علمه- تعالى- قد أحاط بكل شيء سواء أكان هذا الشيء جليلا أم حقيرا، صغيرا أم كبيرا ...وبعد: فهذا تفسير لسورة «الطلاق» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى مخبرا عن قدرته التامة وسلطانه العظيم ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع من الدين القويم ( الله الذي خلق سبع سماوات ) كقوله تعالى إخبارا عن نوح أنه قال لقومه ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ) [ نوح : 15 ] وقال تعالى ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ) [ الإسراء : 44 ] . وقوله تعالى ( ومن الأرض مثلهن ) أي سبعا أيضا ، كما ثبت في الصحيحين " من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين " وفي صحيح البخاري " خسف به إلى سبع أرضين " وقد ذكرت طرقه وألفاظه وعزوه في أول " البداية والنهاية " عند ذكر خلق الأرض ولله الحمد والمنة .ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النجعة ، وأغرق في النزع ، وخالف القرآن ، والحديث بلا مستند . وقد تقدم في سورة الحديد عند قوله : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) [ الآية : 3 ] ذكر الأرضين السبع ، وبعد ما بينهن ، وكثافة كل واحدة منهن خمسمائة عام ، وهكذا قال ابن مسعود وغيره ، وكذا في الحديث الآخر " ما السماوات السبع ، وما فيهن ، وما بينهن ، والأرضون السبع ، وما فيهن ، وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة " . وقال ابن جرير ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : ( سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم ، وكفركم تكذيبكم بها .وحدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري ، عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال رجل لابن عباس ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) الآية . فقال : ابن عباس ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر . وقال ابن جرير ، حدثنا عمرو بن علي ، ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس في هذه الآية ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال عمرو : قال في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق .وقال ابن المثنى في حديثه في كل سماء إبراهيم ، وقد روى البيهقي في كتاب الأسماء والصفات هذا الأثر عن ابن عباس بأبسط من هذا السياق فقال : أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أحمد بن يعقوب ، حدثنا عبيد بن غنام النخعي ، أنا علي بن حكيم ، حدثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، قال ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال : سبع أرضين ، في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم كآدم ، ونوح كنوح ، وإبراهيم ، كإبراهيم ، وعيسى كعيسى .ثم رواه البيهقي من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، في قول الله عز وجل ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام .ثم قال البيهقي : إسناد هذا عن ابن عباس صحيح وهو شاذ بمرة ، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا ، والله أعلمقال الإمام أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي في كتابه التفكر والاعتبار : حدثني إسحاق بن حاتم المدائني ، حدثنا يحيى بن سليمان عن عثمان بن أبي دهرس قال بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى أصحابه وهم سكوت لا يتكلمون ، فقال : " ما لكم لا تتكلمون ؟ " فقالوا : نتفكر في خلق الله عز وجل ، قال : " فكذلك فافعلوا ، تفكروا في خلق الله ، ولا تتفكروا فيه ، فإن بهذا المغرب أرضا بيضاء نورها ساحتها - أو قال : ساحتها نورها - مسيرة الشمس أربعين يوما بها خلق الله تعالى لم يعصوا الله طرفة عين قط ، قالوا : فأين الشيطان عنهم ؟ قال : " ما يدرون خلق الشيطان أم لم يخلق ؟ قالوا : أمن ولد آدم ؟ قال : " لا يدرون خلق آدم ، أم لم يخلق ؟ "وهذا حديث مرسل وهو منكر جدا وعثمان بن أبي دهرش ذكره ابن أبي حاتم في كتابه ، فقال : روى عن رجل من آل الحكم بن أبي العاص ، وعنه سفيان بن عيينة ، ويحيى بن سليم الطائفي ، وابن المبارك ، سمعت أبي يقول ذلك .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماقوله تعالى : الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن دل على كمال قدرته وأنه يقدر على البعث والمحاسبة . ولا خلاف في السموات أنها سبع بعضها فوق بعض ; دل على ذلك حديث الإسراء وغيره . ثم قال : ومن الأرض مثلهن يعني سبعا . واختلف فيهن على قولين : أحدهما : وهو قول الجمهور - أنها سبع أرضين طباقا بعضها فوق بعض ، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والسماء ، وفي كل أرض سكان من خلق الله . وقال الضحاك : ومن الأرض مثلهن أي سبعا من الأرضين ، ولكنها مطبقة بعضها على بعض من غير فتوق بخلاف السموات . والأول أصح ; لأن الأخبار دالة عليه في الترمذي والنسائي وغيرهما . وقد مضى ذلك مبينا في " البقرة " . وقد خرج أبو نعيم قال : حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق السراج ، ( ح ) وحدثنا أبو محمد بن حبان قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية قال : حدثنا سويد بن سعيد قال : حدثنا حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه أن كعبا حلف له بالذي فلق البحر لموسى أن صهيبا حدثه أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها : " اللهم رب السموات السبع وما أظللن ، ورب الأرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الرياح وما أذرين ، إنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها " . قال أبو نعيم : هذا حديث ثابت من حديث موسى بن عقبة تفرد به عن عطاء . روى عنه ابن أبي الزناد وغيره . وفي صحيح مسلم عن سعيد بن زيد قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين " ومثله حديث عائشة ، وأبين منهما حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يأخذ أحد شبرا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة " . قال الماوردي : وعلى أنها سبع أرضين بعضها فوق بعض تختص دعوة أهل الإسلام بأهل الأرض العليا ، ولا تلزم من في غيرها من الأرضين وإن كان فيها من يعقل من خلق مميز . وفي مشاهدتهم السماء واستمدادهم الضوء منها قولان : أحدهما : أنهم يشاهدون السماء من كل جانب من أرضهم ويستمدون الضياء منها . وهذا قول من جعل الأرض مبسوطة . والقول الثاني : أنهم لا يشاهدون السماء ، وأن الله تعالى خلق لهم ضياء يستمدونه . وهذا قول من جعل الأرض كالكرة . وفي الآية قول ثالث حكاه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنها سبع أرضين منبسطة ; ليس بعضها فوق بعض ، تفرق بينها البحار وتظل جميعهم السماء . فعلى هذا إن لم يكن لأحد من أهل الأرض وصول إلى أرض أخرى اختصت دعوة الإسلام بأهل هذه الأرض ، وإن كان لقوم منهم وصول إلى أرض أخرى احتمل أن تلزمهم دعوة الإسلام عند إمكان الوصول إليهم ; لأن فصل البحار إذا أمكن سلوكها لا يمنع من لزوم ما عم حكمه ، واحتمل ألا تلزمهم دعوة الإسلام لأنها لو لزمتهم لكان النص بها واردا ، ولكان صلى الله عليه وسلم بها مأمورا . والله أعلم ما استأثر بعلمه ، وصواب ما اشتبه على خلقه .ثم قال : يتنزل الأمر بينهن قال مجاهد : يتنزل الأمر من السموات السبع إلى الأرضين السبع . وقال الحسن : بين كل سماءين أرض وأمر . والأمر هنا الوحي ; في قول مقاتل وغيره . وعليه فيكون قوله : بينهن إشارة إلى بين هذه الأرض العليا التي هي أدناها وبين السماء السابعة التي هي أعلاها . وقيل : الأمر القضاء والقدر . وهو قول الأكثرين . فعلى هذا يكون المراد بقوله تعالى : بينهن إشارة إلى ما بين الأرض السفلى التي هي أقصاها وبين السماء السابعة التي هي أعلاها . وقيل : يتنزل الأمر بينهن بحياة بعض وموت بعض وغنى قوم وفقر قوم . وقيل : هو ما يدبر فيهن من عجيب تدبيره ; فينزل المطر ويخرج النبات ويأتي بالليل والنهار ، والصيف والشتاء ، ويخلق الحيوانات على اختلاف أنواعها وهيئاتها ; فينقلهم من حال إلى حال . قال ابن كيسان : وهذا على مجال اللغة واتساعها ; كما يقال للموت : أمر الله ; وللريح والسحاب ونحوها .لتعلموا أن الله على كل شيء قدير يعني أن من قدر على هذا الملك العظيم فهو على ما بينهما من خلقه أقدر ، ومن العفو والانتقام أمكن ; وإن استوى كل ذلك في مقدوره ومكنته .وأن الله قد أحاط بكل شيء علما فلا يخرج شيء عن علمه وقدرته . ونصب علما على المصدر المؤكد ; لأن أحاط بمعنى علم . وقيل : بمعنى : وأن الله أحاط إحاطة علما . ختمت السورة بحمد الله وعونه .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ) لا ما يعبده المشركون من الآلهة والأوثان التي لا تقدر على خلق شيء.وقوله: ( وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) يقول: وخلق من الأرض مثلهنّ لما في كلّ واحدة منهنّ مثل ما في السموات من الخلق.* ذكر من قال ذلك:حدثني عمرو بن عليّ ومحمد بن المثنى، قالا ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، عن أَبي الضحى، عن ابن عباس، قال في هذه الآية: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) قال عمرو: قال: في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق. وقال ابن المثنى: في كلّ سماء إبراهيم.حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها.حدثنا أَبو كُرَيب، قال: ثنا أَبو بكر، عن عاصم، عن زِرّ، عن عبد الله، قال: خلق الله سبع سموات غلظ كلّ واحدة مسيرة خمس مئة عام، وبين كلّ واحدة منهنّ خمس مئة عام، وفوق السبع السموات الماء، والله جلّ ثناؤه فوق الماء، لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم. والأرض سبع، بين كلّ أرضين خمس مئة عام، وغلظ كلّ أرض خمس مئَة عام.حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القُمي الأشعري، عن جعفر بن أبي المُغيرة الخزاعي، عن سعيد بن جبَير، قال: قال رجل لابن عباس ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) ... الآية، فقال ابن عباس: ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر.قال: ثنا عباس، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهد، قال: هذه الأرض إلى تلك مثل الفسطاط ضربته في فلاة، وهذه السماء إلى تلك السماء، مثل حلقة رميت بها في أرض فلاة.حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن أَبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: السماء أوّلها موج مكفوف؛ والثانية صخرة؛ والثالثة حديد؛ والرابعة نحاس؛ والخامسة فضة؛ والسادسة ذهب، والسابعة ياقوتة.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا جرير بن حازم، قال: ثني حميد بن قيس، عن مجاهد، قال: هذا البيت الكعبة رابع أربعة عشر بيتًا في كل سماء بيت، كل بيت منها حذو صاحبه، لو وقع وقع عليه، وإن هذا الحرم حرمي بناؤه من السموات السبع والأرضين السبع.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) خلق سبع سموات وسبع أرضين في كل سماء من سمائه، وأرض من أرضه، خلق من خلقه وأمر من أمره، وقضاء من قضائه.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: بينا النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم جالس مرّة مع أصحابه، إذ مرّت سحابة، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم " أتدرون ما هَذَا؟ هَذِهِ العنَانُ، هَذِهِ رَوَايَا الأرْضِ يَسوُقُهَا اللهُ إلَى قَوْمٍ لا يَعْبُدُونَهُ"؛ قال: " أَتدْرُونَ مَا هَذِهِ السَّمَاءُ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " هَذِهِ السَّمَاءُ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ، وَسَقْفٌ مَحْفُوظٌ"؛ ثُم قال: " أَتَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِك؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " فَوْقَ ذَلك سَمَاءٌ أُخْرَى "، حتى عدّ سبع سموات وهو يقول: " أَتَدْرُونَ مَا بَيْنَهُمَا؟ خَمْس مِئَةِ سَنَةَ"؛ ثم قال: " أَتَدْرُونَ مَا فَوْق ذَلك؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ"، قال: " أتدرون ما بينهما؟" قالوا: الله ورسوله أعلم قال: " بَينَهُمَا خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ"؛ ثُمَّ قَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا هذِهِ الأرْضُ؟ قالوا: الله وَرَسولُهُ أَعلم، قَالَ: " تَحْتَ ذِلكَ أَرْضٌ"، قال: أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالُوا: الله وَرسوله أَعلم. قال: " بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ، حتى عدّ سبع أرضين، ثم قال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ دُلِي رَجُلٌ بِحَبْلٍ حَتى يَبْلُغَ أَسْفَلَ الأرْضِينَ السَّابِعَةِ لَهَبَطَ عَلَى اللهِ"؛ ثُم قَال: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: " التقى أربعة من الملائكة بين السماء والأرض، فقال بعضهم لبعض: من أين جئت؟ قال أحدهم: أرْسلني ربي من السماء السابعة، وتركته؛ ثمَّ، قال الآخر: أرسلني ربي من الأرض السابعة وتركته؛ ثمَّ، قال الآخر: أرسلني ربي من المشرق وتركته؛ ثمَّ، قال الآخر: أرسلني ربي من المغرب وتركته ثمَّ".وقوله: ( يَتَنزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ ) يقول تعالى ذكره: يتنزل أمر الله بين السماء السابعة والأرض السابعة.كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( يَتَنزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ ) قال: بين الأرض السابعة إلى السماء السابعة.وقوله: ( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) يقول تعالى ذكره: ينزل قضاء الله وأمره بين ذلك كي تعلموا أيها الناس كنه قدرته وسلطانه، وأنه لا يتعذّر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه أمر شاءه؛ ولكنه على ما يشاء قدير، ( وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) يقول جلّ ثناؤه: ولتعلموا أيها الناس أن الله بكل شيء من خلقه محيط علمًا، لا يعزُب عنه مثقالُ ذرّة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر: يقول جلّ ثناؤه فخافوا أيها الناس المخالفون أمر ربكم عقوبته، فإنه لا يمنعه من عقوبتكم مانع، وهو على ذلك قادر، ومحيط أيضًا بأعمالكم، فلا يخفى عليه منها خاف، وهو محصيها عليكم، ليجازيكم بها، يوم تجزى كلّ نفس ما كسبت.
﴿ الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنـزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ﴾