فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ أي: لا تسيء معاملة اليتيم، ولا يضق صدرك عليه، ولا تنهره، بل أكرمه، وأعطه ما تيسر، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
فقال- تعالى-: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ...والقهر: التغلب على الغير والإذلال له.أى: إذا كان الأمر كما أخبرتك من أنك كنت يتيما فآويناك، وكنت ضالا فهديناك، وكنت فقيرا فأغنيناك، فتذكر هذه النعم، واشكر ربك عليها، ومن مظاهر هذا الشكر: أن تواسى اليتيم، وأن تكرمه. وأن تكون رفيقا به.. ولا تكن كأهل الجاهلية الذين كانوا يقهرون الأيتام ويذلونهم ويظلمونهم..ولقد استجاب النبي صلى الله عليه وسلم لما أمره ربه به، فأكرم اليتامى ورعاهم، وحض على ذلك في أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وأشار صلى الله عليه وسلم بإصبعيه السبابة والوسطى.ومن الآيات القرآنية التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ....وقد تكرر الأمر برعاية اليتيم، وبالمحافظة على ماله في مطلع سورة النساء خمس مرات قال- تعالى-: وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ... وقال- سبحانه-: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ، مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ... وقال- عز وجل-: وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ..، وقال سبحانه-: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وقال- تعالى-:إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ...
﴿ تفسير البغوي ﴾
ثم أوصاه باليتامى والفقراء فقال: ( فأما اليتيم فلا تقهر ) قال مجاهد : لا تحقر اليتيم فقد كنت يتيما . وقال الفراء والزجاج : لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه ، وكذا كانت العرب تفعل في أمر اليتامى ، تأخذ أموالهم وتظلمهم حقوقهم .أخبرنا أبو بكر محمد عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا [ عبد الله ] بن محمود ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن يحيى [ بن ] سليمان عن يزيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه ، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه " ، ثم قال بأصبعيه : " أنا وكافل اليتيم [ في الجنة ] هكذا [ وهو يشير ] بأصبعيه [ السبابة والوسطى ] " .