أي: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ أيها الرسول الكريم شَاهِدًا لأمتك بما فعلوه من خير وشر، وشاهدا على المقالات والمسائل، حقها وباطلها، وشاهدا لله تعالى بالوحدانية والانفراد بالكمال من كل وجه، وَمُبَشِّرًا من أطاعك وأطاع الله بالثواب الدنيوي والديني والأخروي، ومنذرا من عصى الله بالعقاب العاجل والآجل، ومن تمام البشارة والنذارة، بيان الأعمال والأخلاق التي يبشر بها وينذر، فهو المبين للخير والشر، والسعادة والشقاوة، والحق من الباطل.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله: مُبَشِّراً من التبشير، وهو الإخبار بالأمر السار لمن لا علم له بهذا الأمر.وقوله: وَنَذِيراً من الإنذار، وهو الإخبار بالأمر المخيف، لكي يجتنب ويحذر.أى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ- أيها الرسول الكريم- إلى الناس، لتكون شاهِداً لمن آمن منهم بالإيمان، ولمن كفر منهم بالكفر، بعد أن بلغتهم رسالة ربك تبليغا تاما كاملا.ولتكون مُبَشِّراً للمؤمنين منهم برضا الله عنهم ومغفرته لهم وَنَذِيراً للكافرين وللعصاة بسوء المصير إذا ما استمروا على كفرهم وعصيانهم.والحكمة في جعله صلّى الله عليه وسلّم شاهدا مع أن الله- تعالى- لا يخفى عليه شيء: إظهار العدل الإلهى للناس في صورة جلية واضحة، وتكريم النبي صلّى الله عليه وسلّم بهذه الشهادة.وجمع- سبحانه- بين كونه صلّى الله عليه وسلّم مُبَشِّراً وَنَذِيراً لأن من الناس من ينفعه الترغيب في الثواب، ومنهم من لا يزجره إلا التخويف من العقاب. وانتصاب شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً على الحال المقدرة.وفي معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ... .وقوله- سبحانه- وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ.. .وقوله- عز وجل-: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً .