لو ما تأتينا بالملائكة يشهدون لك بصحة ما جئت به إن كنت من الصادقين فلما لم تأت بالملائكة فلست بصادق، وهذا من أعظم الظلم والجهل.أما الظلم فظاهر فإن هذا تجرؤ على الله وتعنت بتعيين الآيات التي لم يخترها وحصل المقصود والبرهان بدونها من الآيات الكثيرة الدالة على صحة ما جاء به، وأما الجهل، فإنهم جهلوا مصلحتهم من مضرتهم، فليس في إنزال الملائكة، خير لهم بل لا ينزل الله الملائكة إلا بالحق الذي لا إمهال على من لم يتبعه وينقد له.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
و «لو ما» : حرف تحضيض مركب من لو المفيدة للتمني، ومن ما الزائدة فأفاد المجموع الحث على الفعل.والمعنى: وقال الكافرون لرسولهم صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستهزاء والتهكم: «يا أيها» المدعى بأن الوحى ينزل عليك بهذا القرآن الذي تتلوه علينا، «إنك لمجنون» بسبب هذه الدعوى التي تدعيها. وبسبب طلبك منا اتباعك وتركنا ما وجدنا عليه آباءنا ...هلا إن كنت صادقا في دعواك، أن تحضر معك الملائكة، ليخبرونا بأنك على حق فيما تدعيه، وبأنك من الصادقين في تبليغك عن الله- تعالى- ما أمرك بتبليغه؟وأكدوا الحكم على الجنون بإن واللام، لقصدهم تحقيق ذلك في نفوس السامعين ممن هم على شاكلتهم في الكفر والضلال، حتى ينصرفوا عن الاستماع إليه صلى الله عليه وسلم.قال الآلوسى: يعنون يا من يدعى مثل هذا الأمر العظيم، الخارق للعادة إنك بسبب تلك الدعوى تحقق جنونك على أتم وجه. وهذا كما يقول الرجل لمن يسمع منه كلاما يستبعده، أنت مجنون .فأنت ترى أن الآيتين الكريمتين قد حكتا ألوانا من سوء أدبهم، منها: مخاطبتهم له صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب الدال على التهكم والاستخفاف، حيث قالوا: «يا أيها الذي نزل عليه الذكر» ، مع أنهم لا يقرون بنزول شيء عليه.ووصفهم له بالجنون، وهو صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا، وأفضلهم فكرا..وشكهم في صدقه، حيث طلبوا منه- على سبيل التعنت- أن يحضر معه الملائكة ليعاضدوه في دعواه كما قال تعالى في آيات أخرى منها قوله- تعالى- وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا ... .وقوله- تعالى-: ... لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( لو ما ) هلا ( تأتينا بالملائكة ) شاهدين لك بالصدق على ما تقول ( إن كنت من الصادقين ) أنك نبي .