ولما أخبر عما يريد الشيطان أن يفعل بالعباد وذكر ما يعتصم به من فتنته وهو عبودية الله والقيام بالإيمان والتوكل فقال: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ أي: تسلط وإغواء بل الله يدفع عنهم -بقيامهم بعبوديته- كل شر ويحفظهم من الشيطان الرجيم ويقوم بكفايتهم. وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا لمن توكل عليه وأدى ما أمر به.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقال- سبحانه- إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ، إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ .والإضافة في قوله إِنَّ عِبادِي ... للتشريف والتكريم حيث خصهم- سبحانه- بهذا اللون من الرعاية والحماية.وقوله وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا أى: وكفى بربك وكيلا يتوكلون عليه، ويفوضون إليه أمورهم، ويعتصمون به لكي يقيهم وساوس الشيطان ونزغاته.قال الإمام ابن كثير: قوله: وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا أى: حافظا ومؤيدا ونصيرا.روى الإمام أحمد عن أبى هريرة أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن المؤمن لينضى شيطانه- أى ليقهره- كما ينضى أحدكم بعيره في السفر» .وقال الجمل في حاشيته: وهذه الآية تدل على أن المعصوم من عصمه الله. وأن الإنسان لا يمكنه أن يحترز بنفسه عن مواقع الضلال، لأنه لو كان الإقدام على الحق، والإحجام عن الباطل إنما يحصل للإنسان من نفسه، لوجب أن يقال: وكفى بالإنسان نفسه في الاحتراز عن الشيطان. فلما لم يقل ذلك، بل قال: وكفى بربك وكيلا. علمنا أن الكل من الله. ولهذا قال المحققون: لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعته إلا بقوته. .وبعد أن بين- سبحانه- لبنى آدم ما يبيته إبليس من عداوة وبغضاء، أتبع ذلك ببيان جانب من نعمه- تعالى- عليهم في البر والبحر وفي السراء والضراء فقال- عز وجل-:
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ( أي حافظا من يوكل الأمر إليه .