وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ والتذكير نوعان: تذكير بما لم يعرف تفصيله، مما عرف مجمله بالفطر والعقول فإن الله فطر العقول على محبة الخير وإيثاره، وكراهة الشر والزهد فيه، وشرعه موافق لذلك، فكل أمر ونهي من الشرع، فإنه من التذكير، وتمام التذكير، أن يذكر ما في المأمور به ، من الخير والحسن والمصالح، وما في المنهي عنه، من المضار.والنوع الثاني من التذكير: تذكير بما هو معلوم للمؤمنين، ولكن انسحبت عليه الغفلة والذهول، فيذكرون بذلك، ويكرر عليهم ليرسخ في أذهانهم، وينتبهوا ويعملوا بما تذكروه، من ذلك، وليحدث لهم نشاطًا وهمة، توجب لهم الانتفاع والارتفاع.وأخبر الله أن الذكرى تنفع المؤمنين، لأن ما معهم من الإيمان والخشية والإنابة، واتباع رضوان الله، يوجب لهم أن تنفع فيهم الذكرى، وتقع الموعظة منهم موقعها كما قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى وأما من ليس له معه إيمان ولا استعداد لقبول التذكير، فهذا لا ينفع تذكيره، بمنزلة الأرض السبخة، التي لا يفيدها المطر شيئًا، وهؤلاء الصنف، لو جاءتهم كل آية، لم يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ أى: أعرض عن هؤلاء المشركين، وداوم على التذكير والتبشير والإنذار مهما تقول المتقولون، فإن التذكير بما أوحيناه إليك من هدايات سامية، وآداب حكيمة.. ينفع المؤمنين، ولا ينفع غيرهم من الجاحدين.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) فطابت أنفسهم .قال مقاتل : معناه عظ بالقرآن كفار مكة ، فإن الذكرى تنفع من [ سبق ] في علم الله أن يؤمن منهم . وقال الكلبي : عظ بالقرآن من آمن من قومك فإن الذكرى تنفعهم .