﴿ ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
يخبر تعالى عن جهل المكذبين للرسول وما جاء به، وأنهم يقولون -استعجالا للعذاب، وزيادة تكذيب- مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ؟يقول تعالى: وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى مضروب لنزوله، ولم يأت بعد، لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ بسبب تعجيزهم لنا وتكذيبهم الحق، فلو آخذناهم بجهلهم، لكان كلامهم أسرع لبلائهم وعقوبتهم، ولكن -مع ذلك- فلا يستبطئون نزوله، فإنه سيأتيهم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فوقع كما أخبر اللّه تعالى، لما قدموا ل "بدر" بطرين مفاخرين، ظانينأنهم قادرون على مقصودهم، فأهانهم اللّه، وقتل كبارهم، واستوعب جملة أشرارهم، ولم يبق فيهم بيت إلا أصابته تلك المصيبة، فأتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا، ونزل بهم وهم لا يشعرون.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- عز وجل-: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ ... بيان للون آخر من ألوان انطماس بصيرة هؤلاء الكافرين، ومن سفاهاتهم وجهالاتهم. أى: أن هؤلاء المشركين لم يكتفوا بتكذيبك- أيها الرسول الكريم- بل أضافوا إلى ذلك، التطاول عليك، لسوء أدبهم، وعدم فهمهم لوظيفتك. بدليل أنهم يطلبون منك أن تنزل عليهم العذاب بعجلة وبدون إبطاء، على سبيل التحدي لك. كما قالوا في موطن آخر: ... اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ .ثم يبين الله- تعالى- حكمته في تأخير عذابه عنهم إلى حين فيقول: وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ.... أى: يستعجلك المشركون يا محمد في نزول العذاب بهم، والحق أنه لولا أجل مسمى، ووقت معين، حدده الله- تعالى- في علمه لنزول العذاب بهم، لجاءهم العذاب في الوقت الذي طلبوه، بدون إبطاء أو تأخير.ومع ذلك فقل لهم- أيها الرسول الكريم- إن هذا العذاب آت لا ريب فيه في الوقت الذي يشاؤه الله- تعالى-، وإن هذا العذاب المدمر المهلك: لَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. أى: ليحلن عليهم فجأة وبدون مقدمات، والحال أنهم لا يشعرون به، بل يأتيهم بغتة فيبهتهم، ويستأصل شأفتهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ويستعجلونك بالعذاب ) نزلت في النضر بن الحارث حين قال : فأمطر علينا حجارة من السماء ( ولولا أجل مسمى ) قال ابن عباس : ما وعدتك أني لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم إلى يوم القيامة كما قال : " بل الساعة موعدهم " ( القمر - 46 ) ، وقال الضحاك : مدة أعمارهم ، لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب ، وقيل : يوم بدر ، ( لجاءهم العذاب وليأتينهم ) يعني : العذاب وقيل الأجل ( بغتة وهم لا يشعرون ) بإتيانه .