﴿ وقالوا لولا أنـزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: واعترض هؤلاء الظالمون المكذبون للرسول ولما جاء به، واقترحوا عليه نزول آيات عينوها، كقولهم: وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا الآيات. فتعيين الآيات ليس عندهم، ولا عند الرسول صلى اللّه عليه وسلم، فإن في ذلك تدبيرا مع اللّه، وأنه لو كان كذلك، وينبغي أن يكون كذلك، وليس لأحد من الأمر شيء.ولهذا قال: قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ إن شاء أنزلها أو منعها وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ وليس لي مرتبة فوق هذه المرتبة.وإذا كان القصد بيان الحق من الباطل، فإذا حصل المقصود -بأي: طريق- كان اقتراح الآيات المعينات على ذلك ظلما وجورا، وتكبرا على اللّه وعلى الحق.بل لو قدر أن تنزل تلك الآيات، ويكون في قلوبهم أنهم لا يؤمنون بالحق إلا بها، كان ذلك ليس بإيمان، وإنما ذلك شيء وافق أهواءهم، فآمنوا، لا لأنه حق، بل لتلك الآيات. فأي فائدة حصلت في إنزالها على التقدير الفرضي؟
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ومرادهم بالآيات في قوله- تعالى-: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ الآيات الكونية، كعصا موسى، وناقة صالح. ولولا حرف تحضيض بمعنى هلا.أى: وقال المبطلون للنبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعنت والعناد، هلا جئتنا يا محمد بمعجزات حسية كالتي جاء بها بعض الأنبياء من قبلك، لكي نؤمن بك ونتبعك؟وقوله: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ، وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ إرشاد من الله- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم إلى ما يرد به عليهم.أى: قل- أيها الرسول الكريم- في ردك على هؤلاء الجاهلين، إنما الآيات التي تريدونها عند الله- تعالى- وحده، ينزلها حسب إرادته وحكمته، أما أنا فإن وظيفتي الإنذار الواضح بسوء مصير من أعرض عن دعوتي، وليس من وظيفتي أن أقترح على الله- تعالى- شيئا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه ) كما أنزل على الأنبياء من قبل ، قرأ ابن كثير ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر : " آية " على التوحيد ، وقرأ الآخرون : " آيات من ربه " لقوله - عز وجل - : ( قل إنما الآيات عند الله ) القادر على إرسالها إذا شاء أرسلها ( وإنما أنا نذير مبين ) أنذر أهل المعصية بالنار ، وليس إنزال الآيات بيدي .