ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة ، ببيان حالهم عند قيام الساعة ، قيام ، فقال - تعالى - : ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يلبثوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) .والعشية : هى الوقت الكائن من الزوال إلى الغروب .والضحى : الوقت الكائن من أوائل النهار إلى الزوال .أى : كأن هؤلاء المشركين حين يرون الساعة وقد فاجأتهم بأهوالها ، لم يلبثوا فى دنياهم أو فى قبورهم إلا وقتا يسيرا ، يشبه العشية أو الضحى بالنسبة للزمان الطويل .فالمقصود من الآية الكريمة : بيان أن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن المشركين عند إتيانها كأنهم ما لبثوا فى انتظارها إلا يوما أو بعض يوم . .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف صحت إضافة الضحى إلى العشية؟ قلت : لما بينهما من الملابسة لاجتماعهما فى نهار واحد .فإن قلت : فهلا قيل : إلا عشية أو ضحى وما فائدة الإِضافة؟ قلت : للدلالة على أن مدة لبثهم ، كأنها لم تبلغ يوما كاملا ، ولكن ساعة منه عشيته أو ضحاه ، فلما ترك اليوم أضافه إلى عشيته . فهو كقوله : ( لَمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ) .وبعد: فهذا تفسير لسورة «النازعات» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( كأنهم ) يعني كفار قريش ( يوم يرونها ) يعاينون يوم القيامة ( لم يلبثوا ) في الدنيا ، وقيل : في قبورهم ( إلا عشية أو ضحاها ) قال الفراء : ليس للعشية ضحى ، إنما الضحى لصدر النهار ، ولكن هذا ظاهر من كلام العرب أن يقولوا : آتيك العشية أو غداتها ، إنما معناه : آخر يوم أو أوله ، نظيره : قوله " كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار " ( الأحقاف - 35 ) .