وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى أي: هو الذي أوجد أسباب الضحك والبكاء، وهو الخير والشر، والفرح والسرور والهم [والحزن]، وهو سبحانه له الحكمة البالغة في ذلك،
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى أى: وأنه- سبحانه- هو الذي أوجد في هذا الكون ما يؤدى إلى ضحك الإنسان وسروره تارة، وما يؤدى إلى حزنه وبكائه تارة أخرى. فبسبب ما يحيط بالإنسان من مؤثرات ومن مشاعر مختلفة: تارة يضحك وتارة يبكى.وما أكثر هذه المؤثرات والأحوال والاعتبارات والدوافع.. في حياة الإنسان.فالآية الكريمة انتقال من وجوب الاعتبار بأحوال الآخرة إلى وجوب الاعتبار بأحوال الإنسان، وبما يحيط به من مؤثرات تارة تضحكه وتارة تبكيه.وأسند- سبحانه- الفعلين إليه لأنه هو خالقهما، وهو الموجد لأسبابهما.وحذف- سبحانه- المفعول به لهما، لأنهما هما المقصودان بالذات، لدلالتهما على كمال قدرته- تعالى- أى: وأنه وحده- عز وجل- هو الذي أوجد في الإنسان الضحك والبكاء، فالفعلان منزلان منزلة الفعل اللازم.وقدم- سبحانه- الضحك على البكاء، للإشعار بمزيد فضله ومنته على عباده.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وأنه هو أضحك وأبكى ) فهذا يدل على أن كل ما يعمله الإنسان فبقضائه وخلقه حتى الضحك والبكاء ، قال مجاهد والكلبي : أضحك أهل الجنة في الجنة ، وأبكى أهل النار في النار . وقال الضحاك : أضحك الأرض بالنبات ، وأبكى السماء بالمطر .قال عطاء بن أبي مسلم : يعني أفرح وأحزن ، لأن الفرح يجلب الضحك ، والحزن يجلب البكاء .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا قيس ، هو ابن الربيع الأسدي ، حدثنا سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن سمرة : أكنت تجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم وكان أصحابه يجلسون ويتناشدون الشعر ، ويذكرون أشياء من أمر الجاهلية ، فيضحكون ويتبسم معهم إذا ضحكوا - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - - .وقال معمر عن قتادة : سئل ابن عمر هل كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحكون ؟ قال : نعم والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل .