وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ كقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ فإنه لو كان قصدهم اتباع الهدى، لآمنوا قطعا، واتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم، لأنه أراهم الله على يديه من البينات والبراهين والحجج القواطع، ما دل على جميع المطالب الإلهية، والمقاصد الشرعية، وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ أي: إلى الآن، لم يبلغ الأمر غايته ومنتهاه، وسيصير الأمر إلى آخره، فالمصدق يتقلب في جنات النعيم، ومغفرة الله ورضوانه، والمكذب يتقلب في سخط الله وعذابه، خالدا مخلدا أبدا.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أخبر- سبحانه- عن حالهم في الماضي، بعد بيان حالهم في المستقبل، فقال- تعالى-: وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ.أى: أن هؤلاء الجاحدين جمعوا كل الرذائل، فهم إن يروا معجزة تشهد لك بالصدق- أيها الرسول الكريم- يعرضوا عنها، ويصفوها بأنها سحر، وهم في ماضيهم كذبوا دعوتك، واتبعوا أهواءهم الفاسدة، ونفوسهم الأمارة بالسوء.وجملة: وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ معترضة، وهي جارية مجرى المثل، أى: وكل أمر لا بد وأن يستقر إلى غاية، وينتهى إلى نهاية، وكذلك أمر هؤلاء الظالمين، سينتهي إلى الخسران، وأمر المؤمنين سينتهي إلى الفلاح.وفي هذا الاعتراض تسلية وتبشير للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه بحسن العاقبة، وتيئيس وإقناط لأولئك المشركين من زوال أمر النبي صلى الله عليه وسلم كما كانوا يتمنون ويتوهمون.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وكذبوا واتبعوا أهواءهم ) أي : كذبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وما عاينوا من قدرة الله - عز وجل - واتبعوا ما زين لهم الشيطان من الباطل . ( وكل أمر مستقر ) قال الكلبي : لكل أمر حقيقة ما كان منه في الدنيا فسيظهر ، وما كان منه في الآخرة فسيعرف . وقال قتادة : كل أمر مستقر فالخير مستقر بأهل الخير ، [ والشر مستقر بأهل الشر ] .وقيل : كل أمر من خير أو شر مستقر قراره ، فالخير مستقر بأهله في الجنة ، والشر مستقر بأهله في النار .وقيل : يستقر قول المصدقين والمكذبين حتى يعرفوا حقيقته بالثواب والعقاب . وقال مقاتل : لكل حديث منتهى . وقيل : كل ما قدر كائن واقع لا محالة .وقرأ أبو جعفر " مستقر " بكسر الراء ، ولا وجه له .