﴿ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثم ذكر مصرف النفقات الذين هم أولى الناس بها فوصفهم بست صفات أحدها الفقر، والثاني قوله: أحصروا في سبيل الله أي: قصروها على طاعة الله من جهاد وغيره، فهم مستعدون لذلك محبوسون له، الثالث عجزهم عن الأسفار لطلب الرزق فقال: لا يستطيعون ضربا في الأرض أي: سفرا للتكسب، الرابع قوله: يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف وهذا بيان لصدق صبرهم وحسن تعففهم. الخامس: أنه قال: تعرفهم بسيماهم أي: بالعلامة التي ذكرها الله في وصفهم، وهذا لا ينافي قوله: يحسبهم الجاهل أغنياء فإن الجاهل بحالهم ليس له فطنة يتفرس بها ما هم عليه، وأما الفطن المتفرس فمجرد ما يراهم يعرفهم بعلامتهم، السادس قوله: لا يسألون الناس إلحافا أي: لا يسألونهم سؤال إلحاف، أي: إلحاح، بل إن صدر منهم سؤال إذا احتاجوا لذلك لم يلحوا على من سألوا، فهؤلاء أولى الناس وأحقهم بالصدقات لما وصفهم به من جميل الصفات، وأما النفقة من حيث هي على أي شخص كان، فهي خير وإحسان وبر يثاب عليها صاحبها ويؤجر، فلهذا قال: وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بعد هذا التحريض الحكيم على بذل الأموال في وجوه الخير، خص- سبحانه- بالذكر طائفة من المؤمنين هي أولى الناس بالعون والمساعدة، ووصف هذه الطائفة بست صفات من شأنها أن تحمل العقلاء على المسارعة في إكرام أفرادها وسد حاجتهم استمع إلى القرآن الكريم وهو يصور حالة هذه الطائفة من المؤمنين تصويرا كريما نبيلا يستجيش المشاعر، ويحرك القلوب لمساعدة هذه الطائفة المتعففة فيقول: لِلْفُقَراءِ، الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ، يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ، تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ، لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً.لقد وصفهم الله- تعالى- أولا بالفقراء، أى الذين هم في حاجة إلى العون والمساعدة لفقرهم واحتياجهم إلى ضرورات الحياة.وقوله: لِلْفُقَراءِ متعلق بمحذوف يفهم من الكلام السابق والتقدير: اجعلوا نفقتكم وصدقتكم للفقراء لأن الكلام السابق موضوعه للإنفاق في سبيل الله، وما يتعلق بذلك من آداب وفوائد.والجملة استئناف بيانى، فكأنهم لما أمروا بالصدقات سألوا لمن هي؟ فأجيبوا بأنها لهؤلاء الذين ذكرت الآية صفاتهم.ومن فوائد الحذف هنا للمتعلق: تعليم المؤمنين الأدب في عطائهم للفقراء بأن لا يصرحوا لهم بأن ما يعطونه إياهم هو صدقة حتى لا يشعروهم بالمذلة والضعف، وأيضا ففي هذا الحذف لون من الإيجاز البليغ الذي قل فيه اللفظ مع الوفاء بحق المعنى.قال القرطبي: والمراد بهؤلاء الفقراء، فقراء المهاجرين من قريش وغيرهم ثم تتناول الآية كل من دخل تحت صفتهم غابر الدهر. وإنما خص فقراء المهاجرين بالذكر، لأنه لم يكن هناك سواهم، وهم أهل الصفة» وكانوا نحوا من أربعمائة رجل، وذلك أنهم كانوا يأتون فقراء وما لهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في المسجد النبوي بالمدينة فقيل لهم: «أهل الصفة» .أما الصفة الثانية من صفات هؤلاء الذين هم أولى الناس بالعون والمساعدة فهي قوله- تعالى-: الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.والإحصار في اللغة هو أن يعرض للرجل ما يحول بينه وبين ما يريده بسبب مرض أو شيخوخة أو عدو أو ذهاب نفقة أو ما يجرى مجرى هذه الأشياء.والمعنى: اجعلوا الكثير مما تنفقونه- أيها المؤمنون- لهؤلاء الفقراء الذين حصروا أنفسهم ووقفوها على الطاعات المتنوعة التي من أعظمها الجهاد في سبيل الله، أو الذين منعوا من الكسب بسبب مرضهم أو شيخوختهم، أو غير ذلك من الأسباب التي جعلتهم في حالة شديدة من الفاقة والاحتياج.وعبر في الجملة الكريمة «بأحصروا» بالبناء للمجهول، للإشعار بأن فقرهم لم يكن بسبب تكاسلهم وإهمالهم في مباشرة الأسباب، وإنما كان لأسباب خارجة عن إرادتهم.وقوله: فِي سَبِيلِ اللَّهِ تكريم وتشريف لهم، أى أن ما نزل بهم من فقر واحتياج كان بسبب إيثارهم إعلاء كلمة الله على أى شيء آخر، ففي سبيل الله هاجروا، وفي سبيل الله تركوا أموالهم فصاروا فقراء، وفي سبيل الله وقفوا أنفسهم على الجهاد، وفي سبيل الله أصابهم ما أصابهم وهم يطلبون أداء ما كلفهم- سبحانه- بأدائه.أما الصفة الثالثة من صفاتهم فقال فيها لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ والضرب في الأرض هو السير فيها للتكسب والتجارة وغيرهما.أى أنهم عاجزون عن السير في الأرض لتحصيل رزقهم بسبب اشتغالهم بالجهاد، أو بسبب ضعفهم وقلة ذات يدهم.والصفة الرابعة من صفاتهم هي قوله- تعالى-: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ.والتعفف: ترك الشيء والتنزه عن طلبه، بقهر النفس والتغلب عليها. يقال عف عن الشيء يعف إذا كف عنه. والحسبان بمعنى الظن.أى يظنهم الجاهل بحالهم، أو الذي لا فراسة عنده، يظنهم أغنياء من أجل تجملهم وتعففهم عن السؤال، أما صاحب الفراسة الصادقة، والبصيرة النافذة فإنه يرحمهم ويعطف عليهم لأنه يعرف ما لا يعرفه غيره.ومِنَ في قوله: مِنَ التَّعَفُّفِ للتعليل، أو لابتداء الغاية لأن التعفف مبدأ هذا الحسبان.أما الصفة الخامسة من صفاتهم فهي قوله- تعالى-: تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ والسيما والسيماء: العلامة التي يعرف بها الشيء، وأصلها من الوسم بمعنى العلامة.والمعنى: تعرف فقرهم وحاجتهم- أيها الرسول الكريم أو أيها المؤمن العاقل- بما ترى في هيئتهم من آثار تشهد بقلة ذات يدهم.قال الإمام الرازي ما ملخصه: قال مجاهد: «سيماهم» التخشع والتواضع. أى- تعرفهم بتخشعهم وتواضعهم- وقال السدى: - تعرفهم بسيماهم- أى بأثر الجهد من الفقر والحاجة. وقال الضحاك: أى بصفرة ألوانهم ورثاثة ثيابهم ... ثم قال- رحمه الله-: وعندي أن كل ذلك فيه نظر والمراد شيء آخر هو أن لعباد الله المخلصين هيبة ووقعا في قلوب الخلق، وكل من رآهم تأثر منهم وتواضع لهم، وذلك له إدراكات روحانية، لا علامات جسمانية. ألا ترى أن الأسد إذا مر هابته سائر السباع بطباعها لا بالتجربة، لأن الظاهر أن تلك التجربةما وقعت، والبازي إذا طار تهرب منه الطيور الضعيفة وكل ذلك إدراكات روحانية لا جسمانية فكذا هنا ... » .وقد ذكر- سبحانه- في الجملة السابقة أن الجاهل بحالهم يظنهم أغنياء من أجل تعففهم عن السؤال، وذكر هنا أنهم يعرفون بسيماهم، وذلك للإشعار بأن أنظار الناس تختلف باختلاف فراستهم ونفاذ بصيرتهم. فأصحاب الأنظار التي تأخذ الأمور بمظاهرها يظنونهم أغنياء، أما أصحاب البصيرة المستنيرة، والحس المرهف، والفراسة الصائبة، فإنهم يدركون ما عليه أولئك القوم من احتياج، بسبب ما منحهم الله من فكر صائب ونظر نافذ، وفي الحديث الشريف: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله».أما الصفة السادسة من صفاتهم فهي قوله- تعالى-: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً والإلحاف- كما يقول صاحب الكشاف: هو الإلحاح بأن لا يفارق- السائل المسئول- إلا بشيء يعطاه. من قولهم: لحفني من فضل لحافه أى أعطانى من فضل ما عنده. ومعناه:أنهم إن سألوا سألوا بتلطف ولم يلحفوا. وقيل هو نفى للسؤال والإلحاف».والذي عليه المحققون من العلماء أن النفي منصب على السؤال وعلى الإلحاف أى أنهم لا يسألون أصلا تعففا منهم، لأنهم لو كانوا يسألون ما ظنهم الجاهل أغنياء من التعفف، ولو كانوا يسألون ما كانوا متعففين، ولو كانوا يسألون ما احتاج صاحب البصيرة النافذة إلى معرفة حالهم عن طريق التفرس في سماتهم لأن سؤالهم كان يغنيه عن ذلك.وإنما جاء النفي بهذه الطريقة التي يوهم ظاهرها أن النفي متجه إلى الإلحاف وحده، للموازنة بينهم وبين غيرهم، فإن غيرهم إذا كان يسأل الناس إلحافا فهم لا يسألون مطلقا لا بإلحاف ولا بدونه، والنفي بهذه الطريقة فيه تعريض للملحفين وثناء على المتعففين. ولذا قال بعضهم: وإذا علم أنهم لا يسألون البتة فقد علم أنهم لا يسألون الناس إلحافا والمراد التنبيه على سوء طريقة من يسأل الناس إلحافا، ومثاله إذا حضر عندك رجلان أحدهما عاقل وقور قليل الكلام، والآخر طياش مهذار سفيه، فإذا أردت أن تمدح أحدهما وتعرض بذم الآخر قلت:فلان رجل عاقل وقور لا بخوض في الترهات ولا يشرع في السفاهات، ولم يكن غرضك من قولك لا يخوض في الترهات وصفه بذلك لأن ما تقدم من الأوصاف الحسنة يغنى عن ذلك، بل غرضك التنبيه على مذمة الثاني. فالأمر هنا كذلك لأن قوله: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً بعد قوله: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ الغرض منه بيان مباينة أحد الجنسين عن الآخر في استيجاب المدح والتعظيم» .هذا وقد وردت أحاديث متعددة تمدح المتعففين عن السؤال، وتذم الملحفين فيه ومن ذلك ما جاء في الصحيحين عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان ولا التمرة والتمرتان إنما المسكين الذي يتعفف. اقرؤا إن شئتم: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً.وروى مسلّم في صحيحه عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم» .وروى مسلّم- أيضا- في صحيحه عن عوف بن مالك قال: كنا تسعة أو ثمانية أو سبعة عند رسول الله فقال: «ألا تبايعون رسول الله؟ فقلنا علام نبايعك؟ قال: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. والصلوات الخمس، وتطيعوا ولا تسألوا الناس. فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله إياه» .والخلاصة أن السؤال إنما يجوز عند الضرورة، وأنه لا يصح لمؤمن أن يسأل الناس وعنده ما يكفيه، لأن السؤال ذل يربأ بنفسه عنه كل من يحافظ على مروءته وكرامته وشرفه.وقوله: وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ تحريض للمؤمن على البذل والسخاء، وترقية لنفسه على الشعور بمراقبة الله- تعالى- وعلى محبة فعل الخير.أى: وما تنفقوا من خير سواء أكان المنفق قليلا أم كثيرا سرا أم علنا فإن الله يعلمه وسيجازيكم عليه بأجزل الثواب، وأعظم العطاء.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ) اختلفوا في موضع هذه اللام قيل هي مردودة على موضع اللام من قوله " فلأنفسكم " كأنه قال : وما تنفقوا من خير فللفقراء وإنما تنفقون لأنفسكم وقيل : معناها الصدقات التي سبق ذكرها وقيل : خبره محذوف تقديره : للفقراء الذين صفتهم كذا حق واجب وهم فقراء المهاجرين كانوا نحوا من أربعمائة رجل لم يكن لهم مساكن بالمدينة ولا عشائر وكانوا في المسجد يتعلمون القرآن ويرضخون النوى بالنهار وكانوا يخرجون في كل سرية يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أصحاب الصفة ، فحث الله تعالى عليهم الناس فكان من عنده فضل أتاهم به إذا أمسى .( الذين أحصروا في سبيل الله ) فيه أقاويل; قال قتادة - وهو أولاها - حبسوا أنفسهم على الجهاد في سبيل الله ( لا يستطيعون ضربا في الأرض ) لا يتفرغون للتجارة وطلب المعاش وهم أهل الصفة الذين ذكرناهم وقيل : حبسوا أنفسهم على طاعة الله وقيل : معناه حبسهم الفقر والعدم عن الجهاد في سبيل الله وقال سعيد بن جبير : قوم أصابتهم جراحات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد في سبيل الله فصاروا زمنى أحصرهم المرض والزمانة عن الضرب في سبيل الله للجهاد وقال ابن زيد : معناه : من كثرة ما جاهدوا صارت الأرض كلها حربا عليهم فلا يستطيعون ضربا في الأرض من كثرة أعدائهم ( يحسبهم ) يحسبهم وبابه بفتح السين وقرأ الآخرون بالكسر ( الجاهل ) بحالهم أغنياء من التعفف ) أي من تعففهم عن السؤال وقناعتهم يظن من لا يعرف حالهم أنهم أغنياء والتعفف التفعل من العفة وهي الترك يقال : عف عن الشيء إذا كف عنه وتعفف إذا تكلف في الإمساك .( تعرفهم بسيماهم ) السيماء والسيمياء والسمة : العلامة التي يعرف بها الشيء واختلفوا في معناها هاهنا فقال مجاهد : هي التخشع والتواضع وقال السدي : أثر الجهد من الحاجة والفقر وقال الضحاك : صفرة ألوانهم من الجوع والضر وقيل رثاثة ثيابهم ( لا يسألون الناس إلحافا ) قال عطاء : إذا كان عندهم غداء لا يسألون عشاء وإذا كان عندهم عشاء لا يسألون غداء وقيل : معناه لا يسألون الناس إلحافا أصلا لأنه قال : من التعفف والتعفف ترك السؤال ولأنه قال : تعرفهم بسيماهم ولو كانت المسألة من شأنهم لما كانت إلى معرفتهم بالعلامة من حاجة فمعنى الآية ليس لهم سؤال فيقع فيه إلحاف والإلحاف : الإلحاح واللجاج .أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري ، أخبرنا أبو سعيد محمد بن إبراهيم بن الإسماعيلي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحكم أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أشياءهم أعطوه أو منعوه " .أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي ، أخبرنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الزناد ، عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان " قالوا : فمن المسكين يا رسول الله؟ قال : " الذي لا يجد غنى فيغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ، ولا يقوم فيسأل الناس " .وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا " .أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أخبرنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار ، أخبرنا محمد بن زكريا بن عذافر ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن هارون بن رياب عن كنانة العدوي عن قبيصة بن مخارق قال : إني تحملت بحمالة في قومي فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني تحملت بحمالة في قومي وأتيتك لتعينني فيها قال : " بل نتحملها عنك يا قبيصة ونؤديها إليهم من الصدقة " ثم قال " يا قبيصة إن المسألة حرمت إلا في إحدى ثلاث : رجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فيسأل حتى يصيب قواما من عيشه ثم يمسك وفي رجل أصابته حاجة حتى يشهد له ثلاثة نفر من ذوي الحجا من قومه وأن المسألة قد حلت له فيسأل حتى يصيب القوام من العيش ثم يمسك وفي رجل تحمل بحمالة فيسأل حتى إذا بلغ أمسك وما كان غير ذلك فإنه سحت يأكله صاحبه سحتا " .أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، أخبرنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، أخبرنا قتيبة أخبرنا شريك عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح " قيل يا رسول الله وما يغنيه؟ قال " خمسون درهما أو قيمتها من الذهب " .قوله تعالى : ( وما تنفقوا من خير ) مال ( فإن الله به عليم ) وعليه مجاز