فكذبوه واستكبروا عليه، وقالوا -كبرا وتيها-: أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ أي: كيف نتبع بشرا، لا ملكا منا، لا من غيرنا، ممن هو أكبر عند الناس منا، ومع ذلك فهو شخص واحد إِنَّا إِذًا أي: إن اتبعناه وهو بهذه الحال لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ أي: إنا لضالون أشقياء، وهذا الكلام من ضلالهم وشقائهم، فإنهم أنفوا أن يتبعوا رسولا من البشر، ولم يأنفوا أن يكونوا عابدين للشجر والحجر والصور.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم حكى- سبحانه- مظاهر تكذيبهم فقال: فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ....و «بشرا» منصوب على المفعولية بالفعل «نتبعه» على طريقة الاشتغال، وقدم لاتصاله بهمزة الاستفهام، لأن حقها التصدير، والاستفهام للإنكار، وواحدا صفة لقوله بَشَراً. أى: أن قوم صالح- عليه السلام- حين جاءهم برسالته التي تدعوهم إلى إخلاص العبادة لله- تعالى-، أنكروا ذلك، وقالوا: أنتبع واحدا من البشر جاءنا بهذا الكلام الذي يخالف ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا؟.إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ أى: إنا إذا لو اتبعناه لصرنا في ضلال عظيم، وفي سُعُرٍ أى وفي جنون واضح، ومنه قولهم: ناقة مسعورة، إذا كانت لا تستقر على حال، وتفرط في سيرها كالمجنونة.أو المعنى: إنا لو اتبعناه لكنا في ضلال، وفي نيران عظيمة. فالسعر بمعنى النار المسعرة،
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فقالوا أبشرا ) آدميا ( منا واحدا نتبعه ) ونحن جماعة كثيرة وهو واحد ( إنا إذا لفي ضلال ) خطأ وذهاب عن الصواب ( وسعر ) قال ابن عباس : عذاب . وقال الحسن : شدة عذاب . وقال قتادة : عناء ، يقولون : إنا إذا لفي عناء وعذاب مما يلزمنا من طاعته . قال سفيان بن عيينة : هو جمع سعير . وقال الفراء : جنون ، يقال ناقة مسعورة إذا كانت خفيفة الرأس هائمة على وجهها . وقال وهب : وسعر : أي : بعد عن الحق .