وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا أي: بحاله وذلك أنه لما سرى موسى ببني إسرائيل كما أمره الله ثم تبعهم فرعون فأمر الله موسى أن يضرب البحر فضربه فصار اثنى عشر طريقا وصار الماء من بين تلك الطرق كالجبال العظيمة فسلكه موسى وقومه.فلما خرجوا منه أمره الله أن يتركه رهوا أي: بحاله ليسلكه فرعون وجنوده إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ فلما تكامل قوم موسى خارجين منه وقوم فرعون داخلين فيه أمره الله تعالى أن يلتطم عليهم فغرقوا عن آخرهم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً ... أى: ومتى وصلت إلى البحر- أى: البحر الأحمر- فاضربه بعصاك، ينفلق- بإذن الله- فسر فيه أنت ومن معك، واتركه ساكنا مفتوحا على حاله، فإذا ما سار خلفك فرعون وجنوده أغرقناهم فيه.يقال: رها البحر يرهو، إذا سكن. وجاءت الخيل رهوا، أى: ساكنة، ويقال- أيضا-:رها الرجل رهوا، إذا فتح بين رجليه وفرق بينهما، وهو حال من البحر.قال الإمام الرازي: «وفي لفظ رَهْواً قولان:أحدهما: أنه الساكن، يقال: عيش راه، إذا كان خافضا وادعا ساكنا ...والثاني: أن الرهو هو الفرجة الواسعة، أى: ذا رهو، أى: ذا فرجة حتى يدخل فيها فرعون وقومه فيغرقوا.. وإنما أخبره- سبحانه- بذلك حتى يبقى فارغ القلب من شرهم وإيذائهم» .وقوله: إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ تعليل للأمر بتركه رهوا، أى: اترك البحر على حاله، فإن أعداءك سيغرقون فيه إغراقا يدمرهم ويهلكهم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( واترك البحر ) إذا قطعته أنت وأصحابك ( رهوا ) ساكنا على حالته وهيئته ، بعد أن ضربته ودخلته ، معناه : لا تأمره أن يرجع ، اتركه حتى يدخله آل فرعون ، وأصل " الرهو " : السكون . وقال مقاتل : معناه : اترك البحر رهوا [ راهيا ] أي : ساكنا ، فسمي بالمصدر ، أي ذا رهو . وقال كعب : اتركه طريقا . قال قتادة : طريقا يابسا . قال قتادة : لما قطع موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم وخاف أن يتبعه فرعون [ وجنوده ] فقيل له : اترك البحر رهوا كما هو ( إنهم جند مغرقون ) أخبر موسى أنه يغرقهم ليطمئن قلبه في تركه البحر كما جاوزه . ثم ذكر ما تركوا بمصر .