﴿ واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: وَاذْكُرْ بالثناء الجميل أَخَا عَادٍ وهو هود عليه السلام، حيث كان من الرسل الكرام الذين فضلهم الله تعالى بالدعوة إلى دينه وإرشاد الخلق إليه. إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ وهم عاد بِالْأَحْقَافِ أي: في منازلهم المعروفة بالأحقاف وهي: الرمال الكثيرة في أرض اليمن. وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ فلم يكن بدعا منهم ولا مخالفا لهم، قائلا لهم: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ فأمرهم بعبادة الله الجامعة لكل قول سديد وعمل حميد، ونهاهم عن الشرك والتنديد وخوفهم -إن لم يطيعوه- العذاب الشديد فلم تفد فيهم تلك الدعوة.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
والمقصود بقوله- تعالى-: أَخا عادٍ: هود- عليه السلام- فقد أرسله الله- تعالى- إلى قبيلة عاد، ليأمرهم بعبادة الله- تعالى-، وكانوا قوما جبارين، فلم يستمعوا إلى نصحه، فكانت عاقبتهم الهلاك والتدمير.وقد وردت قصته معهم في سور متعددة، منها: سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة الشعراء، وسورة الحاقة..قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ هو هود بن عبد الله ابن رباح، كان أخاهم في النسب لا في الدين، إذ أنذر قومه بالأحقاف، والأحقاف: ديار عاد.. وهي جمع حقف- بكسر الحاء-، وهو ما استطال من الرمل العظيم واعوج، ولم يبلغ أن يكون جبلا.. .ويغلب على الظن أن مساكنهم كانت على مرتفعات من الأرض في شمال حضر موت، وعلى مقربة من المكان الذي يسمى الآن بالرّبع الخالي غربي عمان..والمعنى: واذكر- أيها الرسول الكريم- لقومك ليعتبروا ويتعظوا قصة هود- عليه السلام- وقت أن أنذر قومه، وهم يعيشون بتلك الأماكن المرتفعة المسماة بالأحقاف.وقوله: وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ جملة حالية في محل نصب.أى: جاء هود إلى قومه فأمرهم بإخلاص العبادة لله- تعالى- وحده، وخوفهم من سوء عاقبة مخالفته، والحال أنه قد أخبرهم بأن الرسل الذين سبقوه، والذين يأتون من بعده، كليهم قد بعثهم الله- تعالى- لهداية أقوامهم، ولعبادته- سبحانه- وحده.فالنذر: جمع نذير، والمراد بهم الرسل الذين يخوفون أقوامهم من سوء عاقبة الإشراك مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة.والمراد بقوله: مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ الرسل السابقون عليه، والمتأخرون عنه.ثم ذكر- سبحانه- جانبا من نصائح هود لقومه فقال: أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.أى: أنذرهم قائلا لهم: إنى أحذركم من عبادة أحد سوى الله- تعالى- وآمركم بإخلاص العبادة له- تعالى- وحده، لأنى أخاف عليكم عذاب يوم هائل عظيم، وهو يوم القيامة، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.فأنت ترى أن هودا- عليه السلام- بجانب أنه قد أمر قومه بما يسعدهم، فإنه قد بين لهم- أيضا- أنه ما حمله على هذا الأمر إلا خوفه عليهم، وحرصه على نجاتهم من عذاب يوم القيامة.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله - عز وجل - : ( واذكر أخا عاد ) يعني هودا عليه السلام ( إذ أنذر قومه بالأحقاف ) قال ابن عباس : " الأحقاف " : واد بين عمان ومهرة .وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بموضع يقال له : " مهرة " وإليها تنسب الإبل المهرية ، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم ، وكانوا من قبيلة إرم .قال قتادة : ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن ، وكانوا أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها : " الشحر " . و " الأحقاف " جمع حقف ، وهي المستطيل المعوج من الرمال . قال ابن زيد : هي ما استطال من الرمل كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلا ، قال الكسائي : هي ما استدار من الرمل .( وقد خلت النذر ) مضت الرسل ( من بين يديه ) أي من قبل هود ( ومن خلفه ) إلى قومهم ( ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) .