﴿ ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
هذا شروع في تعداد آياته الدالة على انفراده بالإلهية وكمال عظمته، ونفوذ مشيئته وقوة اقتداره وجميل صنعه وسعة رحمته وإحسانه فقال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ وذلك بخلق أصل النسل آدم عليه السلام ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [أي: الذي خلقكم من أصل واحد ومادة واحدة] وبثكم في أقطار الأرض [وأرجائها ففي ذلك آيات على أن الذي أنشأكم من هذا الأصل وبثكم في أقطار الأرض] هو الرب المعبود الملك المحمود والرحيم الودود الذي سيعيدكم بالبعث بعد الموت.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أورد- سبحانه- بعد ذلك أنواعا من الأدلة على قدرته التي لا يعجزها شيء، فقال- تعالى- وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ، ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ.والآيات: جمع آية، وتطلق على الآية القرآنية، وعلى الشيء العجيب، كما في قوله- تعالى-: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً.. والمراد بها هنا: الأدلة الواضحة، والبراهين الساطعة، الدالة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته.والمعنى: ومن آياته- سبحانه- الدالة على عظمته، وعلى كمال قدرته، أنه خلقكم من تراب، أى: خلق أباكم آدم من تراب، وأنتم فروع عنه.و «إذا» في قوله: ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ هي الفجائية.أى: خلقكم بتلك الصورة البديعة من مادة التراب التي لا يرى فيها رائحة للحياة، ثم صرتم بعد خلقنا إياكم في أطوار متعددة، بشرا تنشرون في الأرض، وتمشون في مناكبها، وتتقلبون فيها تارة عن طريق الزراعة، وتارة عن طريق التجارة، وتارة عن طريق الأسفار.. كل ذلك طلبا للرزق، ولجمع الأموال.وعبر- سبحانه- بثم المفيدة للتراخي، لأن انتشارهم في الأرض لا يتأتى إلا بعد مرورهم بأطوار متعددة، منها أطوار خلقهم في بطون أمهاتهم، وأطوار طفولتهم وصباهم، إلى أن يبلغوا سن الرشد.قال الشوكانى: وإذا الفجائية وإن كانت أكثر ما تقع بعد الفاء، لكنها وقعت هنا بعد ثم، بالنسبة إلى ما يليق بهذه الحالة الخاصة، وهي أطوار الإنسان، كما حكاها الله- تعالى- في مواضع، من كونه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظما مكسوا لحما.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ومن آياته أن خلقكم من تراب ) أي : خلق أصلكم يعني آدم من تراب ( ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ) تنبسطون في الأرض .