وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال: كَلَّا لَا تُطِعْهُ [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين، وَاسْجُدْ لربك وَاقْتَرَبَ منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعبث به وآذاه. تمت ولله الحمد.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ردع آخر لهذا الكافر عن الغرور والبطر والطغيان، وإبطال لدعواه أنه سيدع أهل ناديه، وتأكيد لعجزه عن منع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة.أى: كلا ليس الأمر كما قال هذا المغرور من أن أهله وعشيرته سينصرونه، وسيقفون إلى جانبه في منعك أيها الرسول الكريم- من الصلاة، فإنهم وغيرهم أعجز من أن يفعلوا ذلك، وعليك- أيها الرسول الكريم- أن تمضى في طريقك وأن تواظب على أداء الصلاة في المكان الذي تختاره، ولا تطع هذا الشقي، فإنه جاهل مغرور، واسجد لربك وتقرب إليه- تعالى- بالعبادة والطاعة، وداوم على ذلك.فالمقصود بهذه الآية الكريمة، حض النبي صلى الله عليه وسلم على المداومة على الصلاة في الكعبة، وعدم المبالاة بنهي الناهين عن ذلك، فإنهم أحقر من أن يفعلوا شيئا ...نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا جميعا من عباده الصالحين.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
ثم قال : ( كلا ) ليس الأمر على ما عليه أبو جهل ، ( لا تطعه ) في ترك الصلاة ، ( واسجد ) صل لله ( واقترب ) من الله .أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلئي ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، حدثنا أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السراج ومحمد بن سلمة قالوا : أخبرنا وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن عمارة بن غزية عن سمي مولى أبي بكر أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء [ فيها ] " .