قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ لنعمة الله وما أشد معاندته للحق بعدما تبين، وهو ما هو؟
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الإمام الرازي: اعلم أنه- تعالى- لما بدأ بذكر القصة المشتملة على ترفع صناديد قريش على فقراء المسلمين، عجب عباده المؤمنين من ذلك، فكأنه قيل: وأى سبب في هذا العجب والترفع؟ مع أن أوله نطفة قذرة، وآخره جيفة مذرة، وفيما بين الوقتين حمال عذرة.فلا عجب أن ذكر الله- تعالى- ما يصلح أن يكون علاجا لعجبهم وما يصلح أن يكون علاجا لكفرهم، فإن خلقة الإنسان يستدل بها على وجود الصانع، وعلى القول بالبعث والحشر والنشر ... .والمراد بالإنسان هنا: الإنسان الكافر الجاحد لنعم ربه. ومعنى «قتل» : لعن وطرد من رحمة الله- تعالى-، ويصح أن يكون المراد به الجنس، ويدخل فيه الكافر دخولا أوليا.أى: لعن وطرد من رحمة الله- تعالى- ذلك الإنسان الذي ما أشد كفره وجحوده لنعم الله- تعالى-.والدعاء عليه باللعن من الله- تعالى-، المقصود به: التهديد والتحقير من شأن هذا الإنسان الجاحد، إذ من المعلوم أن الله- سبحانه- هو الذي يتوجه إليه الناس بالدعاء، وليس هو- سبحانه- الذي يدعو على غيره، إذ الدعاء في العادة إنما يكون من العاجز، وجل شأن الله- تعالى- عن العجز.وجملة «ما أكفره» تعليل لاستحقاق هذا الإنسان الجاحد التحقير والتهديد.وهذه الآية الكريمة المتأمل فيها يراها- مع بلوغها نهاية الإيجاز- قد بلغت- أيضا- نهاية الإعجاز في أسلوبها، حيث جمعت أشد ألوان الذم والتحقير بأبلغ أسلوب وأوجزه.ولذا قال صاحب الكشاف: قُتِلَ الْإِنْسانُ دعاء عليه، وهي من أشنع دعواتهم، لأن القتل قصارى شدائد الدنيا وفظائعها ما أَكْفَرَهُ تعجيب من إفراطه في كفران نعمة الله، ولا ترى أسلوبا أغلظ منه، ولا أخشن متنا، ولا أدل على سخط، ولا أبعد في المذمة، مع تقارب طرفيه، ولا أجمع للائمة، على قصر متنه ... .
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله - عز وجل - : ( قتل الإنسان ) أي لعن الكافر . قال مقاتل : نزلت في عتبة بن أبي لهب ( ما أكفره ) ما أشد كفره بالله مع كثرة إحسانه إليه وأياديه عنده ، على طريق التعجب ، قال الزجاج : معناه : اعجبوا أنتم من كفره . وقال الكلبي ومقاتل : هو " ما " الاستفهام ، يعني : أي شيء حمله على الكفر ؟