﴿ إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ أي: تلقفونه، ويلقيه بعضكم إلى بعض، وتستوشون حديثه، وهو قول باطل. وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ والأمران محظوران، التكلم بالباطل، والقول بلا علم، وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا فلذلك أقدم عليه من أقدم من المؤمنين الذين تابوا منه، وتطهروا بعد ذلك، وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وهذا فيه الزجر البليغ، عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها، فإن العبد لا يفيده حسبانه شيئا، ولا يخفف من عقوبة الذنب، بل يضاعف الذنب، ويسهل عليه مواقعته مرة أخرى.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم صور - سبحانه - أحوالهم فى تلك الفترة العصيبة من تاريخ الدعوة الإسلامية فقال : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ) . و " إذ " ظرف لقوله - تعالى - ( لَمَسَّكُمْ ) .أى : لمسكم عذاب عظيم . وقت تقليكم هذا الحديث السيىء لسانا عن لسان باستخفاف واستهتار! ويأخذه بعضكم عن بعض بدون تحرج أو تدبر .( وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ) أى : وتقولون بأفواهكم قولا تلوكه الأفواه ، دون أن يكون معه بقية من علم أو بينة أو دليل .ففى هاتين الجملتين زجر شديد لأولئك الذين خاضوا فى حديث الإفك ، بدون تدبر أو تعقل ، حتى لكأنهم - وقد أفلت منهم الزمام ، واستزلهم الشيطان - ينطقون بما ينطقون به بأفواههم لا بوعيهم ، وبألسنتهم لا بعقولهم ، ولا بقلوبهم ، وإنما هم يتفوهون بكلمات لا علم لهم بحقيقتها .ولا دليل معهم على صدقها .وهذا كله يتنافى مع ما يقتضيه الإيمان الصحيح من تثبت ومن حسن ظن بالمؤمنين .ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بما هو أشد فى الزجر والتهديد فقال : ( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ الله عَظِيمٌ ) .أى : وتحسبون أن ما خضتم فيه من كذب على الصديقة بنت الصديق شيئا هينا ، والحال أن ما فعلتموه ليس كذلك ، بل هو عند الله - تعالى - وفى حكمه شىء عظيم ، تضج لهوله الأرض والسماء لأن ما خضتم فيه يسىء إلى النبى صلى الله عليه وسلم ويسىء إلى أهل بيته ، ويسىء إلى صحابى جليل هو صفوان ، ويسىء إلى بيت الصديق - رضى الله عنه - بل ويسىء إلى الجماعة الإسلامية كلها .
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله - عز وجل - : ( إذ تلقونه ) تقولونه ، ( بألسنتكم ) قال مجاهد ومقاتل : يرويه بعضكم عن بعض . وقال الكلبي : وذلك أن الرجل منهم يلقى الرجل فيقول بلغني كذا وكذا يتلقونه تلقيا ، وقال الزجاج : يلقيه بعضكم إلى بعض ، وقرأت عائشة " تلقونه " بكسر اللام وتخفيف القاف من الولق وهو الكذب ، ( وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا ) تظنون أنه سهل لا إثم فيه ، ( وهو عند الله عظيم ) في الوزر .