﴿ تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها، وفي ذلك دليل على أن الوصية للوارث منسوخة بتقديره تعالى أنصباء الوارثين. ثم قوله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فالوصية للوارث بزيادة على حقه يدخل في هذا التعدي، مع قوله صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" ثم ذكر طاعة الله ورسوله ومعصيتهما عموما ليدخل في العموم لزوم حدوده في الفرائض أو ترك ذلك فقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بامتثال أمرهما الذي أعظمه طاعتهما في التوحيد، ثم الأوامر على اختلاف درجاتها واجتناب نهيهما الذي أعظمُه الشرك بالله، ثم المعاصي على اختلاف طبقاتها يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا فمن أدى الأوامر واجتنب النواهي فلا بد له من دخول الجنة والنجاة من النار. وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي حصل به النجاة من سخطه وعذابه، والفوز بثوابه ورضوانه بالنعيم المقيم الذي لا يصفه الواصفون.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أكد- سبحانه- وجوب الانقياد لأحكامه، وبشر المطيعين بحسن الثواب. وأنذر العصاة بسوء العقاب فقال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.واسم الإشارة تِلْكَ يعود إلى الأحكام المذكورة في شأن المواريث وغيرها. والمعنى: تلك الأحكام التي ذكرها- سبحانه- عن المواريث وغيرها حُدُودُ اللَّهِ أى شرائعه وتكاليفه التي شرعها لعباده.والحدود جمع حد. وحد الشيء طرفه الذي يمتاز به عن غيره. ومنه حدود البيت أى أطرافه التي تميزه عن بقية البيوت.والمراد بحدود الله هنا الشرائع التي شرعها- سبحانه- لعباده بحيث لا يجوز لهم تجاوزها ومخالفتها.وقد أطلق- سبحانه- على هذه الشرائع كلمة الحدود على سبيل المجاز لشبهها بها من حيث إن المكلف لا يجوز له أن يتجاوزها إلى غيرها.ثم قال- تعالى- وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أى فيما أمر به من الأحكام، وفيما شرعه من شرائع تتعلق بالمواريث وغيرها.يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أى تجرى من تحت أشجارها ومساكنها الأنهار خالِدِينَ فِيها أى باقين فيها لا يموتون ولا يفنون ولا يخرجون منها وقوله وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ أى وذلك المذكور من دخول الجنة الخالدة الباقية بمن فيها هو الفوز العظيم، والفلاح الذي ليس بعده فلاح.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( تلك حدود الله ) يعني : ما ذكر من الفروض المحدودة ، ( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم )