﴿ إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
لما ذكر حالة الأشقياء الفجار، ذكر حالة السعداء الأبرار فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ أي: في جميع أحوالهم، حتى في الحالة التي لا يطلع عليهم فيها إلا الله، فلا يقدمون على معاصيه، ولا يقصرون فيما أمر به لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم، وإذا غفر الله ذنوبهم؛ وقاهم شرها، ووقاهم عذاب الجحيم، ولهم أجر كبير وهو ما أعده لهم في الجنة، من النعيم المقيم، والملك الكبير، واللذات [المتواصلات]، والمشتهيات، والقصور [والمنازل] العاليات، والحور الحسان، والخدم والولدان.وأعظم من ذلك وأكبر، رضا الرحمن، الذي يحله الله على أهل الجنان.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله: يَخْشَوْنَ من الخشية، وهي أشد الخوف وأعظمه، والغيب: مصدر غاب يغيب، وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب، وهو ما لا تدركه الحواس ولا يعلم ببداهة العقل.أى: إن الذين يخشون ربهم فيخافون عذابه، ويعبدونه كأنهم يرونه، مع أنهم لا يرونه بأعينهم.. هؤلاء الذين تلك صفاتهم، لهم من خالقهم- عز وجل- مغفرة عظيمة، وأجر بالغ الغاية في الكبر والضخامة.وقوله بِالْغَيْبِ حال من الفاعل، أى: غائبا عنهم، أو من المفعول. أى: غائبين عنه. أى. يخشون عذابه دون أن يروه- سبحانه-.ويجوز أن يكون المعنى: يخشون عذابه حال كونهم غائبين عن أعين الناس، فهم يراقبونه- سبحانه- في السر، كما يراقبونه في العلانية كما قال الشاعر:يتجنب الهفوات في خلواته ... عف السريرة، غيبه كالمشهدوالحق أن هذه الصفة، وهي خوف الله- تعالى- بالغيب، على رأس الصفات التي تدل على قوة الإيمان، وعلى طهارة القلب، وصفاء النفس..