قراءة و استماع الآية 11 من سورة البلد مكتوبة - عدد الآيات 20 - Al-Balad - الصفحة 594 - الجزء 30.
﴿ فَلَا ٱقۡتَحَمَ ٱلۡعَقَبَةَ ﴾ [ البلد: 11]
﴿ فلا اقتحم العقبة ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ أي: لم يقتحمها ويعبر عليها، لأنه متبع لشهواته .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وبعد بيان هذه النعم الجليلة التي أنعم الله بها- سبحانه- على الإنسان، أتبع- سبحانه- ذلك بحضه على المداومة على فعل الخير، وعلى إصلاح نفسه، فقال- تعالى-: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ.والفاء في قوله- سبحانه-: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ للتفريع على ما تقدم، والمقصود بهذه الآية الحض على فعل الخير بدل الشر.وقوله: اقْتَحَمَ من الاقتحام للشيء، بمعنى دخوله بشدة. يقال: اقتحم الجنود أرض العدو، إذا دخلوها بقوة وسرعة، وبدون مبالاة بارتكاب المخاطر.والعقبة في الأصل: الطريق الوعر في الجبل، والمراد بها هنا: مجاهدة النفس، وقسرها على مخالفة هواها وشهوتها، وحملها على القول والفعل الذي يرضى الله تعالى-.والمعنى: لقد جعلنا للإنسان عينين ولسانا وشفتين. وهديناه النجدين. فهلا بعد كل هذه النعم، فعل ما يرضينا، بأن جاهد نفسه وهواه، وبأن قدم ماله في فك الرقاب، وإطعام اليتامى والمساكين.قال الجمل: وقوله: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ أى: فهلا اقتحم العقبة، فلا بمعنى هلا التي للتحضيض. أى: الذي أنفق ماله في عداوة النبي صلى الله عليه وسلم هلا أنفقه في اقتحام العقبة فيأمن.. .وقد استعيرت العقبة لمجاهدة النفس، وحملها على الإنفاق في سبيل الخير، لأن هذه الأعمال شاقة على النفس، فجعلت كالذي يتكلف سلوك طريق وعر..ويصح أن تكون «لا» هنا، على معناها الحقيقي وهو النفي، فيكون المعنى: أن هذا الإنسان الذي جعلنا له عينين.. لم يشكرنا على نعمنا، فلا هو اقتحم العقبة، ولا هو فعل شيئا ينجيه من عذابنا.وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: قوله: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ يعنى: فلم يشكر تلك الأيادى والنعم بالأعمال الصالحة: من فك الرقاب، وإطعام اليتامى والمساكين..بل غمط النعم، وكفر بالمنعم..فإن قلت: قلما تقع «لا» الداخلة على الماضي، غير مكررة، فما لها لم تكرر في الكلام الأفصح؟. قلت: هي متكررة في المعنى، لأن المعنى فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ.. فلا فكّ رقبة، ولا أطعم مسكينا. ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك.. .
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فلا اقتحم العقبة ) يقول : فهلا أنفق ماله فيما يجوز به من فك الرقاب وإطعام السغبان ، فيكون خيرا له من إنفاقه على عداوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، هذا قول ابن زيد وجماعة .وقيل : " فلا اقتحم العقبة " أي لم يقتحمها ولا جاوزها . والاقتحام : الدخول في الأمر الشديد ، وذكر العقبة هاهنا مثل ضربه الله لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البر ، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة ، يقول : لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة ولا طعام ، وهذا معنى قول قتادة .وقيل : إنه شبه ثقل الذنوب على مرتكبها بعقبة ، فإذا أعتق رقبة وأطعم كان كمن اقتحم العقبة وجاوزها .وروي عن ابن عمر : أن هذه العقبة جبل في جهنم .وقال الحسن وقتادة : عقبة شديدة في النار دون الجسر ، فاقتحموها بطاعة الله تعالى .وقال مجاهد ، والضحاك ، والكلبي : هي صراط يضرب على جهنم كحد السيف ، مسيرة ثلاثة آلاف سنة سهلا وصعودا وهبوطا ، وإن بجنبتيه كلاليب وخطاطيف كأنها شوك السعدان ، فناج مسلم ، وناج مخدوش ، ومكردس في النار منكوس ، فمن الناس من يمر كالبرق الخاطف ، ومنهم من يمر كالريح العاصف ، ومنهم من يمر كالفارس ، ومنهم من يمر عليه كالرجل يعدو ، ومنهم من يمر كالرجل يسير ، ومنهم من يزحف زحفا ، ومنهم الزالون ، ومنهم من يكردس في النار .قال ابن زيد : يقول فهلا سلك الطريق التي فيها النجاة .