﴿ وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا ْ أي: حصلت لهم السعادة، والفلاح، والفوز فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ْ ثم أكد ذلك بقوله: عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ْ أي: ما أعطاهم الله من النعيم المقيم، واللذة العالية، فإنه دائم مستمر، غير منقطع بوقت من الأوقات، نسأل الله الكريم من فضله.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- حسن عاقبة السعداء فقال: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا أى في الآخرة بسبب إيمانهم وتقواهم في الدنيا، فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ.أى: عطاء منه- سبحانه- لهم غير مقطوع عنهم، يقال: جذ الشيء يجذه جذا، أى:كسره وقطعه، ومنه الجذاذ- بضم الجيم- لما تكسر من الشيء كما في قوله- تعالى- حكاية عما فعله إبراهيم- عليه السلام- بالأصنام فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ ...وبذلك نرى أن هذه الآيات قد فصلت أحوال السعداء والأشقياء، تفصيلا يدعو العقلاء إلى أن يسلكوا طريق السعداء، وأن يتجنبوا طريق الأشقياء.ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك من الآيات ما فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم عما أصابه من قومه من أذى، وما فيه تثبيت لقلوب المؤمنين، وما فيه إرشاد لهم إلى ما يقربهم من الخير، ويبعدهم عن الشر فقال- تعالى-:
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وأما الذين سعدوا ) قرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص ( سعدوا ) بضم السين [ وكسر العين ] ، أي : رزقوا السعادة ، وسعد وأسعد بمعنى واحد . وقرأ الآخرون بفتح السين قياسا على " شقوا " . ( ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ) قال الضحاك : إلا ما مكثوا في النار حتى أدخلوا الجنة . قال قتادة : الله أعلم بثنياه . ( عطاء غير مجذوذ ) أي غير مقطوع . قال ابن زيد : أخبرنا الله تعالى بالذي يشاء لأهل الجنة ، فقال : ( عطاء غير مجذوذ ) ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار .وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد ، وذلك بعدما يلبثون فيها أحقابا .وعن أبي هريرة رضي الله عنه مثله .ومعناه عند أهل السنة إن ثبت : أن لا يبقى فيها أحد من أهل الإيمان . وأما مواضع الكفار فممتلئة أبدا .