فمال مسرعًا إلى أصنام قومه فقال مستهزئًا بها: ألا تاكلون هذا الطعام الذي يقدمه لكم سدنتكم؟ ما لكم لا تنطقون ولا تجيبون مَن يسألكم؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فراغ» مال في خفية «إلى آلهتهم» وهي الأصنام وعندها الطعام «فقال» استهزاءً «ألا تأكلون» فلم ينطقوا.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ أي: أسرع إليها على وجه الخفية والمراوغة، فَقَالَ متهكما بها أَلَا تَأْكُلُونَ
﴿ تفسير البغوي ﴾
كما قال الله تعالى : ( فراغ إلى آلهتهم ) مال إليها ميلة في خفية ، ولا يقال : " راغ " حتى يكون صاحبه مخفيا لذهابه ومجيئه ، ) ( فقال ) استهزاء بها : ( ألا تأكلون ) يعني : الطعام الذي بين أيديكم .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم حكى- سبحانه- ما فعله إبراهيم بالأصنام بعد أن انفرد بها فقال: فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ.وأصل الروغ: الميل إلى الشيء بسرعة على سبيل الاحتيال. يقال: راغ فلان نحو فلان. إذا مال إليه لأمر يريده منه على سبيل الاحتمال.أى: فذهب إبراهيم مسرعا إلى الأصنام بعد أن تركها القوم وانصرفوا إلى عيدهم، فقال لها على سبيل التهكم والاستهزاء: أيتها الأصنام ألا تأكلين تلك الأطعمة التي قدمها لك الجاهلون على سبيل التبرك؟وخاطبها كما يخاطب من يعقل فقال: «ألا تأكلون» ، لأن قومه أنزلوها تلك المنزلة.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( فراغ إلى آلهتهم ) أي : ذهب إليها بعد أن خرجوا في سرعة واختفاء ، ( فقال ألا تأكلون ) ، وذلك أنهم كانوا قد وضعوا بين أيديها طعاما قربانا لتبرك لهم فيه .قال السدي : دخل إبراهيم - عليه السلام - إلى بيت الآلهة ، فإذا هم في بهو عظيم ، وإذا مستقبل باب البهو صنم عظيم ، إلى جنبه [ صنم آخر ] أصغر منه ، بعضها إلى جنب بعض ، كل صنم يليه أصغر منه ، حتى بلغوا باب البهو ، وإذا هم قد جعلوا طعاما وضعوه بين أيدي الآلهة ، وقالوا : إذا كان حين نرجع وقد بركت الآلهة في طعامنا أكلناه ، فلما نظر إبراهيم - عليه السلام - إلى ما بين أيديهم من الطعام قال : ( ألا تأكلون . ما لكم لا تنطقون ) ؟ !
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فراغ إلى آلهتهم قال السدي : ذهب إليهم . وقال أبو مالك : جاء إليهم . وقال قتادة : مال إليهم . وقال الكلبي : أقبل عليهم . وقيل : عدل . والمعنى متقارب . فراغ يروغ روغا وروغانا إذا مال . وطريق رائغ أي : مائل . وقال الشاعر :ويريك من طرف اللسان حلاوة ويروغ عنك كما يروغ الثعلبفقال : ألا تأكلون فخاطبها كما يخاطب من يعقل ; لأنهم أنزلوها بتلك المنزلة . وكذا قيل : كان بين يدي الأصنام طعام تركوه ليأكلوه إذا رجعوا من العيد ، وإنما تركوه لتصيبه بركة أصنامهم بزعمهم . وقيل : تركوه للسدنة . وقيل : قرب هو إليها طعاما على جهة الاستهزاء ، فقال : ألا تأكلون
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: فمال إلى آلهتهم بعد ما خرجوا عنه وأدبروا; وأرى أن أصل ذلك من قولهم: راغ فلان عن فلان: إذا حاد عنه، فيكون معناه إذا كان كذلك: فراغ عن قومه والخروج معهم إلى آلهتهم; كما قال عدي بن زيد:حِينَ لا يَنْفَعُ الرَّوَاغُ وَلا يَنْفَعُ إلا المُصَادِقُ النِّحْرِيرُ (1)يعني بقوله " لا ينفع الرّوَاغ ": الحِياد. أما أهل التأويل فإنهم فسَّروه بمعنى فَمَال.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) : أي فمال إلى آلهتهم، قال: ذهب.حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ قوله ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ ) قال: ذهب.وقوله ( فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ) هذا خبر من الله عن قيل إبراهيم للآلهة; وفي الكلام محذوف استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو: فقرّب إليها الطعام فلم يرها تأكل، فقال لها: ( أَلا تَأْكُلُونَ ) فلما لم يرها تأكل قال لها: ما لكم لا تأكلون.------------------------الهوامش:(1) البيت نسبه المؤلف لعدي بن زيد العبادي، ولم أجده في ترجمته في الأغاني ولا في شعره في شعراء النصرانية. ولعله من قصيدته التي مطلعها" أرواح مودع أم بكور" . واستشهد به المؤلف عند قوله تعالى:" فراغ عليهم ضربا باليمين" على أن معنى راغ: حاد. وفسره بعضهم بمال." وفي اللسان: روغ" راغ يروغ روغا وروغانا: حاد. وراغ إلى كذا أي مال إليه سرا وحاد.وقوله تعالى" فراغ عليهم ضربا" أي مال وأقبل .اه. وفي ( اللسان: نحر ): والنحر( بكسر النون ) والنحرير : الحاذق الماهر العاقل المجرب. وقيل: النحرير: الرجل: الطبن الفطن المتقن البصير في كل شيء. وجمعه: النحارير. اه.وقال الفرّاء في معاني القرآن 273 :" فراغ عليهم ضربا باليمين" : أي مال عليهم ضربا، واغتنم خلوتهم من أهل دينهم. وفي قراءة عبد الله ( أي ابن مسعود ):" فراغ عليهم صفقا باليمين" .