وقال لهم: إن تكفروا بالله أنتم وجميع أهل الأرض فلن تضروا الله شيئًا؛ فإن الله لغني عن خلقه، مستحق للحمد والثناء، محمود في كل حال.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وقال موسى» لقومه «إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني» عن خلقه «حميد» محمود في صنعه بهم.
﴿ تفسير السعدي ﴾
( وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعًا ) فلن تضروا الله شيئا، ( فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ) فالطاعات لا تزيد في ملكه والمعاصي لا تنقصه، وهو كامل الغنى حميد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ليس له من الصفات إلا كل صفة حمد وكمال، ولا من الأسماء إلا كل اسم حسن، ولا من الأفعال إلا كل فعل جميل.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) أي : غني عن خلقه ، حميد : محمود في أفعاله ، لأنه فيها متفضل وعادل .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- أن موسى قد أخبر قومه أن ضرر كفرهم إنما يعود عليهم، لأن الله- تعالى- غنى عن العالمين فقال- تعالى-: وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً، فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ.أى: وقال موسى- عليه السلام- لقومه: إن تجحدوا نعم الله أنتم ومن في الأرض جميعا من الخلائق، فلن تضروا الله شيئا، وإنما ضرر ذلك يعود على الجاحد لنعمه، والمنحرف عن طريقه، فإن الله- تعالى- لغنى عن شكركم وشكرهم، مستحق للحمد من جميع المخلوقين طوعا وكرها.ويبدو من سياق الآية الكريمة أن موسى- عليه السلام- إنما قال لقومه ذلك، بعد أن شاهد منهم علامات الإصرار على الكفر والفساد، وترجح لديه أنهم قوم لا ينفعهم الترغيب ولا التعريض بالترهيب، ولمس منهم أنهم يمنون عليه أو على الله- تعالى- بطاعاتهم فأراد بهذا القول أن يزجرهم عن الإدلال بإيمانهم، والمن بطاعتهم.فالغرض الذي سيقت له الآية إنما هو بيان أن منفعة الطاعة والشكر والإيمان إنما تعود على الطائعين الشاكرين المؤمنين، وأن مضرة الجحود والكفران إنما تعود على الجاحدين الكافرين.أما الله- تعالى- فلن تنفعه طاعة المطيع، ولن تضره معصية العاصي.ففي الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبى ذر الغفاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه- عز وجل- أنه قال: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا.يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا.يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر» .وبذلك نرى الآيات الكريمة قد زخرت بالتوجيهات القرآنية الحكيمة، التي ساقها الله- تعالى- على لسان موسى- عليه السلام- وهو يعظ قومه، ويذكرهم بأيام الله، وبسننه في خلقه، وبغناه عنهم ...ثم حكى- سبحانه- جانبا من أحوال بعض الرسل مع أقوامهم، ومن المحاورات التي دارت بين الرسل وبين من أرسلوا إليهم فقال- تعالى-:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله تعالى : ( وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) أي : هو غني عن شكر عباده ، وهو الحميد المحمود ، وإن كفره من كفره ، كما قال : ( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ) [ الزمر : 7 ] وقال تعالى : ( فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد ) [ التغابن : 6 ] .وفي صحيح مسلم ، عن أبي ذر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه ، عز وجل ، أنه قال : " يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أتقى قلب رجل منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل منكم ، ما نقص ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم ، وإنسكم وجنكم ، قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل إنسان مسألته ، ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر " . فسبحانه وتعالى الغني الحميد .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
أي لا يلحقه بذلك نقص , بل هو الغني .( الحميد ) أي المحمود .
﴿ تفسير الطبري ﴾
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وقال موسى لقومه: إن تكفروا ، أيها القوم ، فتجحدوا نعمةَ الله التي أنعمها عليكم ، أنتم ويفعل في ذلك مثل فعلكم مَنْ في الأرض جميعًا (فإن الله لغني) عنكم وعنهم من جميع خلقه ، لا حاجة به إلى شكركم إياه على نعمه عند جميعكم (16) ( حميد ) ، ذُو حمد إلى خلقه بما أنعم به عليهم، (17) كما : -20589- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن هاشم قال ، أخبرنا سيف ، عن أبي روق ، عن أبي أيوب ، عن علي: ( فإن الله لغني ) ، قال: غني عن خلقه ( حميد ) ، قال: مُسْتَحْمِدٌ إليهم. (18)---------------------------الهوامش :(16) انظر تفسير " الغني " فيما سلف 15 : 145 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(17) انظر تفسير " الحميد " ، فيما سلف قريبًا : 512 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(18) في أساس البلاغة : " استحمد الله إلى خلقه ، بإحسانه إليهم ، وإنعامه عليهم " ، وقد سلف " استحمد " في خبر آخر رقم : 8349 في الجزء 7 : 470 ، وهو مما ينبغي أن يقيد على كتب اللغة الكبرى ، كاللسان والتاج وأشباههما .
﴿ وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ﴾