هؤلاء المشركون الذين كذَّبوا بالقرآن والكتب السماوية التي أنزلها الله على رسله لهداية الناس، فسوف يعلم هؤلاء المكذبون عاقبة تكذيبهم حين تُجعل الأغلال في أعناقهم، والسلاسل في أرجلهم، وتسحبهم زبانية العذاب في الماء الحار الذي اشتدَّ غليانه وحرُّه، ثم في نار جهنم يوقد بهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«إذ الأغلال في أعناقهم» إذ بمعنى إذا «والسلاسل» عطف على الأغلال فتكون في الأعناق، أو مبتدأ خبره محذوف، أي في أرجلهم أو خبره «يسحبون» أي يجرون بها.
﴿ تفسير السعدي ﴾
إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ التي لا يستطيعون معها حركة. وَالسَّلَاسِلُ التي يقرنون بها، هم وشياطينهم
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون ) يجرون .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم فصل- سبحانه- هذا الوعيد، وبين ما أعده لهم من عذاب فقال: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ. فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ.و «إذ» هنا ظرف بمعنى «إذا» وهو متعلق بيعلمون، وعبر- سبحانه- بالظرف الدال على المضي، للدلالة على تحقق الخبر، حتى لكأن العذاب قد نزل بهم فعلا.والأغلال: جمع غل- بضم الغين- وهو القيد يوضع في اليد والعنق فيجمعهما.والسلاسل: جمع سلسلة، وهي ما يربط بها الجاني على سبيل الإذلال له.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل ) أي : متصلة بالأغلال ، بأيدي الزبانية يسحبونهم على وجوههم ، تارة إلى الحميم وتارة إلى الجحيم ; ولهذا قال : ( يسحبون )
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم أي عن قريب يعلمون بطلان ما هم فيه إذا دخلوا النار وغلت أيديهم إلى أعناقهم . قال التيمي : لو أن غلا من أغلال جهنم وضع على جبل لوهصه حتى يبلغ الماء الأسود .والسلاسل بالرفع قراءة العامة عطفا على الأغلال . قال أبو حاتم : يسحبون مستأنف على هذه القراءة . وقال غيره : هو في موضع نصب على الحال ، والتقدير : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل مسحوبين . وقرأ ابن عباس وأبو الجوزاء وعكرمة وابن مسعود " والسلاسل " بالنصب " يسحبون " بفتح الياء ، والتقدير في هذه القراءة : ويسحبون السلاسل . قال ابن عباس : إذا كانوا يجرونها فهو أشد عليهم . وحكي عن بعضهم " والسلاسل " بالجر ، ووجهه أنه محمول على المعنى ; لأن المعنى : أعناقهم في الأغلال والسلاسل ، قاله الفراء . وقال الزجاج : ومن قرأ " والسلاسل يسحبون " بالخفض فالمعنى عنده وفي " السلاسل يسحبون " . قال ابن الأنباري : والخفض على هذا المعنى غير جائز ، لأنك إذا قلت : زيد في الدار ، لم يحسن أن تضمر " في " فتقول : زيد الدار ، ولكن الخفض جائز . على معنى : إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل ، فتخفض السلاسل على النسق على تأويل الأغلال ; لأن الأغلال في تأويل الخفض ، كما تقول : خاصم عبد الله زيدا العاقلين ، فتنصب العاقلين . ويجوز رفعهما ; لأن أحدهما إذا خاصم صاحبه فقد خاصمه صاحبه ، أنشد الفراء :قد سالم الحيات منه القدما الأفعوان والشجاع الشجعمافنصب الأفعوان على الإتباع للحيات إذا سالمت القدم فقد سالمتها القدم . فمن نصب السلاسل أو خفضها لم يقف عليها .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الأغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ ) , وهذا تهديد من الله المشركين به; يقول جلّ ثناؤه: فسوف يعلم هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله, المكذبون بالكتاب حقيقة ما تخبرهم به يا محمد, وصحة ما هم به اليوم مكذّبون من هذا الكتاب, حين تجعل الأغلال والسلاسل في أعناقهم في جهنم. وقرأت قراءة الأمصار: والسلاسل, برفعها عطفا بها على الأغلال على المعنى الذي بينَّت. وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقرؤه " والسَّلاسِلَ يُسْحَبونَ" بنصب السلاسل في الحميم. وقد حكي أيضا عنه أنه كان يقول: إنما هو وهم في السلاسل يسحبون, ولا يجيز أهل ألعلم بالعربية خفض الاسم والخافض مضمر. وكان بعضهم يقول في ذلك: لو أن متوهما قال: إنما المعنى: إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل يسحبون. حاز الخفض في السلاسل على هذا المذهب, وقال: مثله, مما رد إلى المعنى. قول الشاعر:قَدْ سَالَم الحَيَّاتُ مِنْهُ القَدمَاالأفْعُوَانَ والشُّجاعَ الأرْقَما (2)فنصب الشُّجاع والحيات قبل ذلك مرفوعة, لأن المعنى: قد سالمت رجله الحيات وسالمتها, فلما احتاج إلى نصب القافية, جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات.والصواب من القراءة عندنا فى ذلك ما عليه قراء الأمصار, لإجماع الحجة عليه, وهو رفع السلاسل عطفا بها على ما في قوله: ( فِي أَعْنَاقِهِمْ ) من ذكر الأغلال.------------------------الهوامش:(2) البيتان من مشطور الرجز ( اللسان : شجع ) . قال الشجاع : الحية ، وفي الحديث :" يجيء كنز أحدهم يوم القيامة شجاها أقرع" . وأنشد الأحمر :" قد سالم الحيات .... البيتين" . نصب الشجاع والأفعوان بمعنى الكلام ، لأن الحيات إذا سالمت القدم ، فقد سالمها القدم ، فكأنه قال : سالم القدم الحيات ؛ ثم جعل الأفعوان بدلا منها . ا ه . وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة" 289" ) نصب الشجاع والحيات قبل ذلك مرفوعة ، لأن المعنى قد سالمت رجله الحيات وسالمتها . فلما احتاج إلى نصب القافية ، جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات . ا ه .