الأصدقاء على معاصي الله في الدنيا يتبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة، لكن الذين تصادقوا على تقوى الله، فإن صداقتهم دائمة في الدنيا والآخرة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«الأخلاءُ» على المعصية في الدنيا «يومئذ» يوم القيامة متعلق بقوله «بعضهم لبعض عدو إلا المتقين» المتحابين في الله على طاعته فإنهم أصدقاء ويقال لهم:
﴿ تفسير السعدي ﴾
وإن الأخلاء يومئذ، أي: يوم القيامة، المتخالين على الكفر والتكذيب ومعصية اللّه، بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ لأن خلتهم ومحبتهم في الدنيا لغير اللّه، فانقلبت يوم القيامة عداوة. إِلَّا الْمُتَّقِينَ للشرك والمعاصي، فإن محبتهم تدوم وتتصل، بدوام من كانت المحبة لأجله.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( الأخلاء ) على المعصية في الدنيا ( يومئذ ) يوم القيامة ( بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) إلا المتحابين في الله - عز وجل - على طاعة الله - عز وجل - .أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني عقيل بن محمد بن أحمد ، أن أبا الفرج البغدادي القاضي أخبرهم عن محمد بن جرير ، حدثنا ابن عبد الأعلى ، عن قتادة ، حدثنا أبو ثور عن معمر عن قتادة عن أبي إسحاق أن عليا قال في هذه الآية : خليلان مؤمنان وخليلان كافران ، فمات أحد المؤمنين فقال : يا رب إن فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر ، ويخبرني أني ملاقيك ، يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني ، فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما ، فيقول : ليثن أحدكما على صاحبه ، فيقول : نعم الأخ ، ونعم الخليل ، ونعم الصاحب ، قال : ويموت أحد الكافرين ، فيقول : يا رب إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، فيقول بئس الأخ ، وبئس الخليل ، وبئس الصاحب .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: الْأَخِلَّاءُ جمع خليل بمعنى صديق. وسمى الأصدقاء أخلاء، لأن المودة التي بينهم تخللت قلوبهم واختلطت بنفوسهم.أى: الأصدقاء في الدنيا، يصير بعضهم لبعض يوم القيامة أعداء، لأنهم كانوا يجتمعون على الشرور والآثام في الدنيا، وكانوا يتواصون بالبقاء على الكفر والفسوق والعصيان فلما جاء يوم القيامة، وانكشفت الحقائق.. انقلبت صداقتهم إلى عداوة.وقوله- تعالى-: الْأَخِلَّاءُ جمع خليل بمعنى صديق. وسمى الأصدقاء أخلاء، لأن المودة التي بينهم تخللت قلوبهم واختلطت بنفوسهم.أى: الأصدقاء في الدنيا، يصير بعضهم لبعض يوم القيامة أعداء، لأنهم كانوا يجتمعون على الشرور والآثام في الدنيا، وكانوا يتواصون بالبقاء على الكفر والفسوق والعصيان فلما جاء يوم القيامة، وانكشفت الحقائق.. انقلبت صداقتهم إلى عداوة.إِلَّا الْمُتَّقِينَ فإن صداقتهم في الدنيا تنفعهم في الآخرة، لأنهم أقاموها على الإيمان والعمل الصالح والطاعة لله رب العالمين.فالآية الكريمة إنذار للكافرين الذين كانت صداقاتهم في الدنيا تقوم على محاربة الحق، ومناصرة الباطل ... وبشارة عظيمة للمتقين الذين بنوا صداقتهم في الدنيا على طاعة الله- تعالى- ونصرة دينه، والعمل بشريعته.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) أي : كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله ، عز وجل ، فإنه دائم بدوامه . وهذا كما قال إبراهيم ، عليه السلام ، لقومه : ( إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) [ العنكبوت : 25 ] .وقال عبد الرزاق : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، رضي الله عنه : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) قال : خليلان مؤمنان ، وخليلان كافران ، فتوفي أحد المؤمنين وبشر بالجنة فذكر خليله ، فقال : اللهم ، إن فلانا خليلي كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر ، وينبئني أني ملاقيك ، اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه مثل ما أريتني ، وترضى عنه كما رضيت عني . فيقال له : اذهب فلو تعلم ما له عندي لضحكت كثيرا وبكيت قليلا . قال : ثم يموت الآخر ، فتجتمع أرواحهما ، فيقال : ليثن أحدكما على صاحبه ، فيقول كل واحد منهما لصاحبه : نعم الأخ ، ونعم الصاحب ، ونعم الخليل . وإذا مات أحد الكافرين ، وبشر بالنار ذكر خليله فيقول : اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني ، وتسخط عليه كما سخطت علي . قال : فيموت الكافر الآخر ، فيجمع بين أرواحهما فيقال : ليثن كل واحد منكما على صاحبه . فيقول كل واحد منهما لصاحبه : بئس الأخ ، وبئس الصاحب ، وبئس الخليل . رواه ابن أبي حاتم .وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : صارت كل خلة عداوة يوم القيامة إلا المتقين .وروى الحافظ ابن عساكر - في ترجمة هشام بن أحمد - عن هشام بن عبد الله بن كثير : حدثنا أبو جعفر محمد بن الخضر بالرقة ، عن معافى : حدثنا حكيم بن نافع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو أن رجلين تحابا في الله ، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، لجمع الله بينهما يوم القيامة ، يقول : هذا الذي أحببته في " .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين .قوله تعالى : الأخلاء يومئذ يريد يوم القيامة . ( بعضهم لبعض عدو ) أي : أعداء ، يعادي بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا . ( إلا المتقين ) فإنهم أخلاء في الدنيا والآخرة ، قال معناه ابن عباس ومجاهد وغيرهما . وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في أمية بن خلف الجمحي وعقبة بن أبي معيط ، كانا خليلين ، وكان عقبة يجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت قريش : قد صبأ عقبة بن أبي معيط ، فقال له أمية : وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا ولم تتفل في وجهه ، ففعل عقبة ذلك ، فنذر النبي - صلى الله عليه وسلم - قتله ، فقتله يوم بدر صبرا ، وقتل أمية في المعركة ، وفيهم نزلت هذه الآية . وذكر الثعلبي - رضي الله عنه - في هذه الآية قال : كان خليلان مؤمنان وخليلان كافران ، فمات أحد المؤمنين فقال : يا رب ، إن فلانا كان يأمرني بطاعتك ، وطاعة رسولك ، وكان يأمرني بالخير وينهاني عن الشر . ويخبرني أني ملاقيك ، يا رب فلا تضله بعدي ، واهده كما هديتني ، وأكرمه كما أكرمتني . فإذا مات خليله المؤمن جمع الله بينهما ، فيقول الله تعالى : ليثن كل واحد منكما على صاحبه ، فيقول : يا رب ، إنه كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر ، ويخبرني أني ملاقيك ، فيقول الله تعالى : نعم الخليل ونعم الأخ ونعم الصاحب كان . قال : ويموت أحد الكافرين فيقول : يا رب ، إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، فأسألك يا رب ألا تهده بعدي ، وأن تضله كما أضللتني ، وأن تهينه كما أهنتني ، فإذا مات خليله الكافر قال الله تعالى لهما : ليثن كل واحد منكما على صاحبه ، فيقول : يا رب ، إنه كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك ، فأسألك أن تضاعف عليه العذاب ، فيقول الله تعالى : بئس الصاحب والأخ والخليل كنت . فيلعن كل واحد منهما صاحبه .قلت : والآية عامة في كل مؤمن ومتق وكافر ومضل .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ (67)يقول تعالى ذكره: المتخالون يوم القيامة على معاصي الله في الدنيا, بعضهم لبعض عدوّ, يتبرأ بعضهم من بعض, إلا الذين كانوا تخالّوا فيها على تقوى الله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ ) فكلّ خُلَّةٍ على معصية الله في الدنيا متعادون.حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ ) فكلّ خُلَّةٍ هي عداوة إلا خلة المتقين.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن أبي إسحاق, أن عليا رضي الله عنه قال: خليلان مؤمنان, وخليلان كافران, فمات أحد المؤمنين فقال: يا ربّ إن فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك, ويأمرني بالخير, وينهاني عن الشرّ ويخبرني أني ملاقيك يا ربّ فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني, فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما فيقول: ليثن أحدكما على صاحبه فيقول: يا ربّ إنه كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك, ويأمرني بالخير, وينهاني عن الشرّ, ويخبرني أني ملاقيك, فيقول: نعم الخليل, ونعم الأخ, ونعم الصاحب; قال: ويموت أحد الكافرين فيقول: يا ربّ إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك, ويأمرني بالشرّ, وينهاني عن الخير, ويخبرني أني غير ملاقيك, فيقول: بئس الأخ, وبئس الخليل, وبئس الصاحب.