فإن للذين ظلموا بتكذيبهم الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم نصيبًا من عذاب الله نازلا بهم مثل نصيب أصحابهم الذين مضَوْا من قبلهم، فلا يستعجلون بالعذاب، فهو آتيهم لا محالة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فإن للذين ظلموا» أنفسهم بالكفر من أهل مكة وغيرهم «ذنوبا» نصيبا من العذاب «مثل ذنوب» نصيب «أصحابهم» الهالكين قبلهم «فلا يستعجلون» بالعذاب إن أخرتهم إلى يوم القيامة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: وإن للذين ظلموا وكذبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، من العذاب والنكال ذَنُوبًا أي: نصيبًا وقسطًا، مثل ما فعل بأصحابهم من أهل الظلم والتكذيب. فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ بالعذاب، فإن سنة الله في الأمم واحدة، فكل مكذب يدوم على تكذيبه من غير توبة وإنابة، فإنه لا بد أن يقع عليه العذاب، ولو تأخر عنه مدة، ولهذا توعدهم الله بيوم القيامة
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فإن للذين ظلموا ) كفروا من أهل مكة ( ذنوبا ) نصيبا من العذاب ( مثل ذنوب أصحابهم ) مثل نصيب أصحابهم الذين هلكوا من قوم نوح وعاد وثمود ، وأصل " الذنوب " في اللغة : الدلو العظيمة المملوءة ماء ، ثم استعمل في الحظ والنصيب ( فلا يستعجلون ) بالعذاب يعني أنهم أخروا إلى يوم القيامة .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة الظالمين فقال: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ.والذّنوب في الأصل: الدلو العظيمة المملوءة ماء، ولا يقال لها ذنوب إذا كانت فارغة.وجمعها ذنائب، كقلوص وقلائص، وكانوا يستسقون الماء فيقسمونه بينهم على الأنصباء.فيكون لهذا ذنوب، ولهذا ذنوب. فالمراد بالذنوب هنا: النصيب، والمعنى: فإن للذين ظلموا أنفسهم بعبادتهم لغير الله، وبظلمهم لغيرهم، نصيبا من العذاب، مثل نصيب نظرائهم في الظلم والكفر، فلا يستعجلون عذابي، فإنه نازل بهم في الوقت الذي أريد.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( فإن للذين ظلموا ذنوبا ) أي : نصيبا من العذاب ، ( مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون ) أي : فلا يستعجلون ذلك ، فإنه واقع [ بهم ] لا محالة .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فإن للذين ظلموا أي كفروا من أهل مكة ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم أي نصيبا من العذاب مثل نصيب الكفار من الأمم السالفة . وقال ابن الأعرابي : يقال يوم ذنوب أي طويل الشر لا ينقضي . وأصل الذنوب في اللغة الدلو العظيمة ، وكانوا يستقون الماء فيقسمون ذلك على الأنصباء فقيل للذنوب نصيب من هذا ; قال الراجز :لنا ذنوب ولكم ذنوب فإن أبيتم فلنا القليبوقال علقمة :وفي كل يوم قد خبطت بنعمة فحق لشأس من نداك ذنوبوقال آخر :لعمرك والمنايا طارقات لكل بني أب منها ذنوبالجوهري : والذنوب الفرس الطويل الذنب ، والذنوب النصيب ، والذنوب لحم أسفل المتن ، والذنوب الدلو الملأى ماء . وقال ابن السكيت : فيها ماء قريب من الملء يؤنث ويذكر ، ولا يقال لها وهي فارغة ذنوب ، والجمع في أدنى العدد أذنبة والكثير ذنائب ، مثل قلوص وقلائص .فلا يستعجلون أي فلا يستعجلون نزول العذاب بهم ; لأنهم قالوا : يا محمد فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله ( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ ) يقول تعالى ذكره: فإن للذين أشركوا بالله من قريش وغيرهم ذنوبا, وهي الدلو العظيمة, وهو السجل أيضا إذا مُلئت أو قاربت الملء, وإنما أريد بالذنوب في هذا الموضع: الحظّ والنصيب; ومنه قول علقمة بن عبدة:وفي كُلّ قَوْمٍ قَدْ خَبَطْتَ بنعمَةفَحُقَّ لِشَأس مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ (4)أي نصيب, وأصله ما ذكرت; ومنه قول الراجز:لَنَا ذَنُوبٌ ولَكُمْ ذَنُوبُفإن أبَيَتُمْ فَلَنَا الْقَلِيبُ (5)ومعنى الكلام: فإن للذين ظلموا من عذاب الله نصيبا وحظا نازلا بهم, مثل نصيب أصحابهم الذين مضوا من قبلهم من الأمم, على منهاجهم من العذاب, فلا يستعجلون به.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا ) يقول: دلوا.حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ) قال: يقول للذين ظلموا عذابا مثل عذاب أصحابهم فلا يستعجلون.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير ( ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ) فلا يستعجلون: سجلا من العذاب.قال: ثنا عفان بن مسلم, قال: ثنا شهاب بن سُريعة, عن الحسن, في قوله ( ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ) قال: دلوا مثل دلو أصحابهم.حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( ذَنُوبا ) قال: سجلا.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا ) : سجلا من عذاب الله.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثني محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله ( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ) قال: عذابا مثل عذاب أصحابهم.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ) قال: يقول ذنوبا من العذاب, قال: يقول لهم سجل من عذاب الله, وقد فعل هذا بأصحابهم من قبلهم, فلهم عذاب مثل عذاب أصحابهم فلا يستعجلون.حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم ( ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ ) قال: طَرَفا من العذاب.
﴿ فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون ﴾