لا يذوق هؤلاء المتقون في الجنة الموت بعد الموتة الأولى التي ذاقوها في الدنيا، ووقى الله هؤلاء التقين عذاب الجحيم؛ تفضلا وإحسانًا منه سبحانه وتعالى، هذا الذي أعطيناه المتقين في الآخرة من الكرامات هو الفوز العظيم الذي لا فوز بعده. فإنما سهَّلنا لفظ القرآن ومعناه بلغتك أيها الرسول؛ لعلهم يتعظون وينزجرون.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فضلاً» مصدر بمعنى تفضلاً منصوب بتفضل مقدراً «من ربك ذلك هو الفوز العظيم».
﴿ تفسير السعدي ﴾
[فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ أي: حصول النعيم واندفاع العذاب عنهم من فضل الله عليهم وكرمه فإنه تعالى هو الذي وفقهم للأعمال الصالحة التي بها نالوا خير الآخرة وأعطاهم أيضا ما لم تبلغه أعمالهم، ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وأي فوز أعظم من نيل رضوان الله وجنته والسلامة من عذابه وسخطه؟
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فضلا من ربك ) أي فعل ذلك بهم فضلا منه ( ذلك هو الفوز العظيم ) .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ أى: أعطوا كل ذلك فضلا من ربك، فقوله فَضْلًا منصوب على المصدرية بفعل محذوف. أو على أنه مفعول لأجله. أى: لأجل الفضل منه- سبحانه-.ذلِكَ الذي أعطيناهم إياه هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الذي لا يدانيه ولا يساميه فضل.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ولهذا قال : ( فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم ) أي : إنما كان هذا بفضله عليهم وإحسانه إليهم كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " اعملوا وسددوا وقاربوا ، واعلموا أن أحدا لن يدخله عمله الجنة " قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
فضلا من ربك أي : فعل ذلك بهم تفضلا منه عليهم . ف ( فضلا ) مصدر عمل فيه ( يدعون ) . وقيل : العامل فيه ( ووقاهم ) . وقيل : فعل مضمر . وقيل : معنى الكلام الذي قبله ، لأنه تفضل منه عليهم ، إذ وفقهم في الدنيا إلى أعمال يدخلون بها الجنة . ( ذلك هو الفوز العظيم ) أي السعادة والربح العظيم والنجاة العظيمة . وقيل : هو من قولك فاز بكذا ، أي : ناله وظفر به .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله ( وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلا مِنْ رَبِّكَ ) يقول تعالى ذكره: ووقى هؤلاء المتقين ربهم يومئذ عذاب النار تفضلا يا محمد من ربك عليهم, وإحسانًا منه عليهم بذلك, ولم يعاقبهم بجرم سلف منهم في الدنيا, ولولا تفضله عليهم بصفحه لهم عن العقوبة لهم على ما سلف منهم من ذلك, لم يقهم عذاب الجحيم, ولكن كان ينالهم ويصيبهم ألمه ومكروهه.وقوله ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي أعطينا هؤلاء المتقين في الآخرة من الكرامة التي وصفت في هذه الآيات, هو الفوز العظيم: يقول: هو الظفر العظيم بما كانوا يطلبون من إدراكه في الدنيا بأعمالهم وطاعتهم لربهم, واتقائهم إياه, فيما امتحنهم به من الطاعات والفرائض, واجتناب المحارم.