يقول: كيف تصدِّق بالبعث الذي هو في غاية الاستغراب؟ أإذا متنا وتمزقنا وصرنا ترابًا وعظامًا، نُبعث ونُحاسب ونُجازى بأعمالنا؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«يقول» لي تبكيتا «أئنك لمن المصدقين» بالبعث.
﴿ تفسير السعدي ﴾
و يَقُولُ لي أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ
﴿ تفسير البغوي ﴾
( يقول أئنك لمن المصدقين ) بالبعث .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أى: أإنك- أيها الرجل- لمن المصدقين بأن هناك بعثا وحسابا، وثوابا وعقابا، وجنة ونارا.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ولهذا ( قال قائل منهم إني كان لي قرين . يقول أئنك لمن المصدقين ) أي : أأنت تصدق بالبعث والنشور والحساب والجزاء ؟ ! يعني : يقول ذلك على وجه التعجب والتكذيب والاستبعاد ، والكفر والعناد .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
يقول أإنك لمن المصدقين أي بالمبعث والجزاء . وقال سعيد بن جبير : قرينه شريكه . وقد مضى في [ الكهف ] ذكرهما وقصتهما والاختلاف في اسميهما مستوفى عند قوله تعالى : واضرب لهم مثلا رجلين وفيهما أنزل الله - جل وعز - : قال قائل منهم إني كان لي قرين إلى من المحضرين . وقرئ : " أإنك لمن المصدقين " بتشديد الصاد . رواه علي بن كيسة عن سليم عن حمزة . قال النحاس : ولا يجوز " أإنك لمن المصدقين " لأنه لا معنى للصدقة هاهنا . وقال القشيري : وفي قراءة عن حمزة " أإنك لمن المصدقين " بتشديد الصاد . واعترض عليه بأن هذا من التصديق لا من التصدق . والاعتراض باطل ; لأن القراءة إذا ثبتت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا مجال للطعن فيها . فالمعنى " أإنك لمن المصدقين " بالمال طلبا في ثواب الآخرة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52)حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: ثنا عتاب بن بشير، عن خَصِيف، عن فُرات بن ثعلبة البهراني في قوله ( إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ) قال: إن رجلين كانا شريكين، فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار، وكان أحدهما له حرفة، والآخر ليس له حرفة، فقال الذي له حرفة للآخر: ليس لك حرفة، ما أُراني &; 21-46 &; إلا مفارقك ومُقاسمك، فقاسمه وفارقه; ثم إن الرجل اشترى دارًا بألف دينار كانت لملك قد مات فدعا صاحبه فأراه، فقال: كيف ترى هذه الدار ابتعتُها بألف دينار؟ قال: ما أحسنها; فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار، وإني أسألك دارًا من دور الجنة، فتَصَدَّقَ بألف دينار; ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم إنه تزوج امرأة بألف دينار، فدعاه وصنع له طعاما; فلما أتاه قال: إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار; قال: ما أحسن هذا; فلما انصرف قال: يا رب إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار، وإني أسألك امرأة من الحُور العين، فتصدق بألف دينار; ثم إنه مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم اشترى بستانين بألفي دينار، ثم دعاه فأراه، فقال: إني ابتعت هذين البستانين، فقال: ما أحسن هذا; فلما خرج قال: يا رب إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار، وأنا أسألك بستانين من الجنة، فتصدقَ بألفي دينار; ثم إن الملك أتاهما فتوفَّاهما; ثم انطلق بهذا المتصدق فأدخله دارًا تعجبه، فإذا امرأة تطلع يضيء ما تحتها من حُسنها، ثم أدخله بستانين، وشيئا الله به عليم، فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا. قال: فإنه ذاك، ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة. قال: فإنه كان لي صاحب يقول: ( أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ) قيل له: فإنه في الجحيم، قال: فهل أنتم مُطَّلِعون ؟ فاطَّلَعَ فرآه في سواء الجحيم، فقال عند ذلك: تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ . ...الآيات. وهذا التأويل الذي تأوله فرات بن ثعلبة يقوي قراءة من قرأ " إنَّكَ لَمِنَ المُصَّدِّقِينَ" بتشديد الصاد بمعنى: لمن المتصدقين، لأنه يذكر أن الله تعالى ذكره إنما أعطاه ما أعطاه على الصدقة لا على التصديق، وقراءة قراء الأمصار على خلاف ذلك، بل قراءتها بتخفيف الصاد وتشديد الدال، بمعنى: إنكار قرينه عليه التصديق أنه يبعث بعد الموت، كأنه قال: أتصدق بأنك تبعث بعد مماتك، وتُجْزَى بعملك، وتحاسَب؟.