ووهبنا لهم جميعا من رحمتنا فضلا لا يحصى، وجعلنا لهم ذكرًا حسنًا، وثناءً جميلا باقيًا في الناس.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ووهبنا لهم» للثلاثة «من رحمتنا» المال والولد «وجعلنا لهم لسان صدق عليا» رفيعا هو الثناء الحسن في جميع أهل الأديان.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَوَهَبْنَا لَهُمْ ْ أي: لإبراهيم وابنيه مِنْ رَحْمَتِنَا ْ وهذا يشمل جميع ما وهب الله لهم من الرحمة، من العلوم النافعة، والأعمال الصالحة، والذرية الكثيرة المنتشرة، الذين قد كثر فيهم الأنبياء والصالحون. وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ْ وهذا أيضا من الرحمة التي وهبها لهم، لأن الله وعد كل محسن، أن ينشر له ثناء صادقا بحسب إحسانه، وهؤلاء من أئمة المحسنين، فنشر الله الثناء الحسن الصادق غير الكاذب، العالي غير الخفي، فذكرهم ملأ الخافقين، والثناء عليهم ومحبتهم، امتلأت بها القلوب، وفاضت بها الألسنة، فصاروا قدوة للمقتدين، وأئمة للمهتدين،.ولا تزال أذكارهم في سائر العصور، متجددة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ووهبنا لهم من رحمتنا ) قال الكلبي : المال والولد ، وهو قول الأكثرين ، قالوا : ما بسط لهم في الدنيا من سعة الرزق . وقيل : الكتاب والنبوة .( وجعلنا لهم لسان صدق عليا ) يعني ثناء حسنا رفيعا في كل أهل الأديان ، فكلهم يتولونهم ، ويثنون عليهم .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وَوَهَبْنا لَهُمْ أى: لإبراهيم وإسحاق ويعقوب مِنْ رَحْمَتِنا بأن جعلناهم أنبياء ومنحناهم الكثير من فضلنا وإحساننا ورزقنا.وجعلنا لهم لسان صدق عليا، بأن صيرنا الناس يثنون عليهم ويمدحونهم ويذكرونهم بالذكر الجميل، لخصالهم الحميدة، وأخلاقهم الكريمة.وهكذا نرى أن اعتزال الشرك والمشركين، والفسق والفاسقين، يؤدى إلى السعادة الدينية والدنيوية، وما أصدق قوله- تعالى-: فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا.وخص- سبحانه- هنا اسحق ويعقوب بالذكر دون إسماعيل لأن إسماعيل سيذكر فضله بعد قليل.ثم مدح الله- تعالى- موسى- عليه السلام- وهو واحد من أولى العزم من الرسل، وينتهى نسبه إلى إبراهيم- عليه السلام- فقال- تعالى-:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا ) : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : يعني الثناء الحسن . وكذا قال السدي ، ومالك بن أنس .وقال ابن جرير : إنما قال : ( عليا ) ; لأن جميع الملل والأديان يثنون عليهم ويمدحونهم ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
وقوله : وجعلنا لهم لسان صدق عليا أي أثنينا عليهم ثناء حسنا ؛ لأن جميع الملل تحسن الثناء عليهم . واللسان يذكر ويؤنث ؛ وقد تقدم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
( وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا ) يقول جلّ ثناؤه: ورزقنا جميعهم، يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب من رحمتنا، وكان الذي وهب لهم من رحمته، ما بسط لهم في عاجل الدنيا من سعة رزقه، وأغناهم بفضله.وقوله ( وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) يقول تعالى ذكره: ورزقناهم الثناء الحسن، والذكر الجميل من الناس.كما حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله ، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) يقول: الثناء الحسن.وإنما وصف جل ثناؤه اللسان الذي جعل لهم بالعلوّ، لأن جميع أهل الملل تحسن الثناء عليهم، والعرب تقول: قد جاءني لسان فلان، تعني ثناءه أو ذمه; ومنه قول عامر بن الحارث:إنّي أتَتْنِي لِسانٌ لا أسَرُّ بِهَامِنْ عَلْو لا عَجَبٌ مِنْها وَلا سَخُرُ (3)ويروى: لا كذب فيها ولا سَخَر:جاءَتْ مُرجَمَّة قد كُنْتُ أحْذَرُهالَوْ كانَ يَنْفَعُنِي الإشْفاقُ والحَذَرُ (4)مرجمة: يظنّ بها.------------------------الهوامش:(3) البيت لأعشى باهلة واسمه عامر بن الحارث ( جمهرة أشعار العرب ص 135 ) وهي إحدى المراثي الجياد . وفي ( اللسان : لسن ) اللسان : جارحة الكلام ، وقد يكنى بها عن الكلمة ، فيؤنث حينئذ . قال : أعشى باهلة : " إني أتتني لسانه . . . البيت " . قال ابن بري : اللسان هنا : الرسالة والمقالة . وقد يذكر على معنى الكلام . ثم قال : قال اللحياني : اللسان في الكلام يذكر ويؤنث ، يقال إن لسان الناس عليك لحسنة وحسن ، أي ثناؤهم . أه . واللسان : الثناء ، وقوله عز وجل : " واجعل لي لسان صدق في الآخرين" : معناه : اجعل لي ثناءً حسنًا باقيًا إلى آخر الدهر . أه . وفي ( تاج العروس : علا ) : وأن قول أعشى باهلة " من علو " فيروى بضم الواو وفتحها وكسرها ، أي أتاني خبر من أعالي نجد . أه . وفي جمهرة أشعار العرب : السخر : الاستهزاء . أه . وقد استشهد المؤلف بالبيت على أن اللسان قد يجيء بمعنى الثناء مع أن اللغويين فسروه بمعنى الخبر أو الرسالة أو المقالة .(4) هذا البيت لأعشى باهلة أيضًا ، وهو بعد البيت السابق عليه في القصيدة نفسها ، كما في ( جمهرة أشعر العرب ص 136 ) . ومعنى مرجمة : أي مظنونة ، لا يوقف على حقيقتها ويقال : كلام مرجم عن غير يقين . ولعل الشاعر أراد أن الناس كلهم لم يصدقوا خبر هذا الفاجعة التي نزلت بهم ، فهم بين مصدق ومكذب .