قل لهم -أيها الرسول-: لا أستطيع أن أدفع عن نفسي ضرًا، ولا أجلب لها نفعًا، إلا ما شاء الله أن يدفع عني مِن ضرٍّ أو يجلب لي من نفع. لكل قوم وقت لانقضاء مدتهم وأجلهم، إذا جاء وقت انقضاء أجلهم وفناء أعمارهم، فلا يستأخرون عنه ساعة فيُمْهلون، ولا يتقدم أجلهم عن الوقت المعلوم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قل لا أملك لنفسي ضرا» أدفعه «ولا نفعا» أجلبه «إلا ما شاء الله» أن يقدرني عليه، فكيف أملك لكم حلول العذاب «لكل أمة أجل» مدة معلومة لهلاكهم «إذ جاء أجلهم فلا يستأخرون» يتأخرون عنه «ساعة ولا يستقدمون» يتقدمون عليه.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وأما حسابهم وإنزال العذاب عليهم، فمن الله تعالى، ينزله عليهم إذا جاء الأجل الذي أجله فيه، والوقت الذي قدره فيه، الموافق لحكمته الإلهية.فإذا جاء ذلك الوقت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، فليحذر المكذبون من الاستعجال بالعذاب، فإنهم مستعجلون بعذاب الله الذي إذا نزل لا يرد بأسه عن القوم المجرمين
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قل لا أملك لنفسي ) لا أقدر لها على شيء ، ( ضرا ولا نفعا ) أي : دفع ضر ولا جلب نفع ، ( إلا ما شاء الله ) أن أملكه ، ( لكل أمة أجل ) مدة مضروبة ، ( إذا جاء أجلهم ) وقت فناء أعمارهم ، ( فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) أي : لا يتأخرون ولا يتقدمون .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ولذا أمر الله تعالى: رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم فقال: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ....أى: قل يا محمد لهؤلاء الجاهلين المتعجلين للعذاب: إننى لا أملك لنفسي- فضلا عن غيرها- شيئا من الضر فأدفعه عنها، ولا شيئا من النفع فأجلبه لها، لكن الذي يملك ذلك هو الله وحده، فهو- سبحانه- الذي يملك أن ينزل العذاب بكم في أى وقت يشاء، فلماذا تطلبون منى ما ليس في قدرتي. وعلى هذا التفسير يكون الاستثناء منقطعا.ويجوز أن يكون متصلا فيكون المعنى: قل لهم يا محمد إننى لا أملك لنفسي شيئا من الضر أو النفع، إلا ما شاء الله- تعالى- أن يجعلني قادرا عليه منهما، فإننى أملكه بمشيئته وإرادته.وقدم- سبحانه- الضر على النفع هنا، لأن الآية مسوقة للرد على المشركين، الذين تعجلوا نزول العذاب الذي هو نوع من الضر.أما الآية التي في سورة الأعراف، وهي قوله- تعالى- قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ.. فقد قدم فيها النفع على الضر، لأنها مسوقة لبيان الحقيقة في ذاتها.وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه شيئا من التصرف في هذا الكون، وللإشعار بأن النفع هو المقصود بالذات من تصرفات الإنسان.وقوله: لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ تأكيد لما قبله، وتقرير لقدرة الله- تعالى- النافذة.أى: لكل أمة من الأمم أجل قدره الله- تعالى- لانتهاء حياتها، فإذا حان وقت هذا الأجل هلكت في الحال دون أن تتقدم على الوقت المحدد لموتها ساعة أو تتأخر أخرى.ثم ساقت السورة الكريمة ألوانا أخرى من الأجوبة التي لقنها الله- تعالى- لرسوله- صلى الله عليه وسلم لكي يرد بها على المشركين الذين تعجلوا العذاب كما صورت أحوالهم عند ما يرون العذاب، فقال- تعالى-:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
فقال : ( قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله ) أي : لا أقول إلا ما علمني ، ولا أقدر على شيء مما استأثر به إلا أن يطلعني عليه ، فأنا عبده ورسوله إليكم ، وقد أخبرتكم بمجيء الساعة وأنها كائنة ، ولم يطلعني على وقتها ، [ ولكن ] ( لكل أمة أجل ) أي : لكل قرن مدة من العمر مقدرة فإذا انقضى أجلهم ( فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) كما قال تعالى : ( ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها ) [ المنافقون : 11 ] ، ثم أخبرهم أن عذاب الله سيأتيهم بغتة
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمونقوله تعالى قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا لما استعجلوا النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب قال الله له : قل لهم يا محمد لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا ; أي ليس ذلك لي ولا لغيري .إلا ما شاء الله أن أملكه وأقدر عليه ، فكيف أقدر أن أملك ما استعجلتم فلا تستعجلوا .لكل أمة أجل أي لهلاكهم وعذابهم وقت معلوم في علمه سبحانه .إذا جاء أجلهم أي وقت انقضاء أجلهم .فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون أي لا يمكنهم أن يستأخروا ساعة باقين في الدنيا ولا يتقدمون فيؤخرون .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (49)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " قل "، يا محمد، لمستعجليك وعيدَ الله، القائلين لك: متى يأتينا الوعد الذي تعدنا إن كنتم صادقين؟ ، (لا أملك لنفسي) ، أيها القوم، أي : لا أقدرُ لها على ضرٍّ ولا نفع في دنيا ولا دين (8) ، (إلا ما شاء الله )، أن أملكه، فأجلبه إليها بإذنه.يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم: فإذْ كنت لا أقدر على ذلك إلا بإذنه ، فأنا عن القدرة على الوصول إلى علم الغيب ومعرفة قيام الساعة أعجز وأعجز، إلا بمشيئته وإذنه لي في ذلك ، (لكل أمة أجل) ، يقول: لكل قوم ميقاتٌ لانقضاء مدتهم وأجلهم، فإذا جاء وقت انقضاء أجلهم وفناء أعمارهم (9)، (لا يستأخرون) ، عنه (ساعة)، فيمهلون ويؤخرون، (ولا يستقدمون)، قبل ذلك، لأن الله قضى أن لا يتقدم ذلك قبل الحين الذي قدَّره وقضاه. (10)* * *-----------------------------الهوامش :(8) انظر تفسير " الملك " فيما سلف 13 : 302 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .(9) انظر تفسير " الأمة " فيما سلف من فهارس اللغة ( أمم ) .، وتفسير " الأجل " فيما سلف ص : 33 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .(10) انظر تفسير " استأجر " و " استقدم " فيما سلف 12 : 404 ، 405 .
﴿ قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ﴾