وإذا قيل للمشركين: احذروا أمر الآخرة وأهوالها وأحوال الدنيا وعقابها؛ رجاء رحمة الله لكم، أعرضوا، ولم يجيبوا إلى ذلك.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم» من عذاب الدنيا كغيرهم «وما خلفكم» من عذاب الآخرة «لعلكم ترحمون» أعرضوا.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ أي: من أحوال البرزخ والقيامة، وما في الدنيا من العقوبات لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أعرضوا عن ذلك، فلم يرفعوا به رأسا، ولو جاءتهم كل آية.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم ) قال ابن عباس : " ما بين أيديكم " يعني الآخرة ، فاعملوا لها ، " وما خلفكم " يعني الدنيا ، فاحذروها ، ولا تغتروا بها .وقيل : " ما بين أيديكم " وقائع الله فيمن كان قبلكم من الأمم ، " وما خلفكم " عذاب الآخرة ، وهو قول قتادة ومقاتل .( لعلكم ترحمون ) والجواب محذوف تقديره : إذا قيل لهم هذا أعرضوا عنه دليله ما بعده .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- تعالى-: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ.. حكاية لموقف المشركين من الناصحين لهم، وكيف أنهم صموا آذانهم عن سماع الآيات التنزيلية، بعد صممهم عن التفكر في الآيات التكوينية.أى: وإذا قال قائل لهؤلاء المشركين على سبيل النصح والإرشاد: اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ أى: احذروا ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر، وصونوا أنفسكم عن ارتكاب المعاصي التي ارتكبها الظالمون من قبلكم، فأهلكوا بسببها وأبيدوا، وآمنوا بالله ورسوله واعملوا العمل الصالح، لعلكم بسبب ذلك تنالون الرحمة من الله- تعالى-.وجواب «إذا» محذوف دل عليه ما بعده، والتقدير: إذا قيل لهم ذلك أعرضوا عن الناصح، واستخفوا به، وتطاولوا عليه.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى مخبرا عن تمادي المشركين في غيهم وضلالهم ، وعدم اكتراثهم بذنوبهم التي أسلفوها ، وما هم يستقبلون بين أيديهم يوم القيامة : ( وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم ) قال مجاهد : من الذنوب . وقال غيره بالعكس ، ( لعلكم ترحمون ) أي : لعل الله باتقائكم ذلك يرحمكم ويؤمنكم من عذابه . وتقدير كلامه : أنهم لا يجيبون إلى ذلك ويعرضون عنه .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم قال قتادة : يعني اتقوا ما بين أيديكم أي : من الوقائع فيمن كان قبلكم من الأمم ، وما خلفكم من الآخرة . ابن عباس وابن جبير ومجاهد : " ما بين أيديكم " ما مضى من الذنوب " وما خلفكم " ما يأتي من الذنوب . الحسن : " ما بين أيديكم " ما مضى من أجلكم ، " وما خلفكم " ما بقي منه . وقيل : " ما بين أيديكم " من الدنيا ، " وما خلفكم " من عذاب الآخرة ; قاله سفيان . وحكى عكس هذا القول الثعلبي عن ابن عباس . قال : " ما بين أيديكم " من أمر الآخرة وما عملوا لها ، " وما خلفكم " من أمر الدنيا فاحذروها ولا تغتروا بها . وقيل : " ما بين أيديكم " ما ظهر لكم ، " وما خلفكم " ما خفي عنكم . والجواب محذوف ، والتقدير : إذا قيل لهم ذلك أعرضوا ; دليله قوله بعد : وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين فاكتفى بهذا عن ذلك .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء المشركين بالله، المكذّبين رسوله محمدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : احذروا ما مضى بين أيديكم من نقم الله وَمثُلاته بمن حلّ ذلك به من الأمم قبلكم أن يحلّ مثله بكم بشرككم وتكذيبكم رسوله.( وَمَا خَلْفَكُمْ ) يقول: وما بعد هلاككم مما أنتم لاقوه إن هلكتم على كفركم الذي أنتم عليه ( لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) يقول: ليرحمكم ربكم إن أنتم حذرتم ذلك، واتقيتموه بالتوبة من شرككم والإيمان به، ولزوم طاعته فيما أوجب عليكم من فرائضه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ ) : وقائع الله فيمن خلا قبلهم من الأمم وما خلفهم من أمر الساعة.وكان مجاهد يقول في ذلك ما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ ) قال: ما مضى من ذنوبهم ، وهذا القول قريب المعنى من القول الذي قلنا، لأن معناه: اتقوا عقوبة ما بين أيديكم من ذنوبكم، وما خلفكم مما تعملون من الذنوب ولم تعملوه بعد، فذلك بعد تخويف لهم العقاب على كفرهم.
﴿ وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون ﴾