فإن توفيناك -أيها الرسول- قبل نصرك على المكذبين من قومك، فإنَّا منهم منتقمون في الآخرة، أو نرينك الذي وعدناهم من العذاب النازل بهم كيوم "بدر"، فإنا عليهم مقتدرون نُظهِرك عليهم، ونخزيهم بيدك وأيدي المؤمنين بك.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فإما» في إدغام نون إن الشرطية في ما الزائدة «نذهبن بك» بأن نميتك قبل تعذيبهم «فإنا منهم منتقمون» في الآخرة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أي: فإن ذهبنا بك قبل أن نريك ما نعدهم من العذاب، فاعلم بخبرنا الصادق أنا منهم منتقمون.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فإما نذهبن بك ) بأن نميتك قبل أن نعذبهم ( فإنا منهم منتقمون ) بالقتل بعدك .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ، أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ زيادة في تسليته وتثبيته صلّى الله عليه وسلّم.أى: أن أمرك- أيها الرسول الكريم- مع هؤلاء الظالمين لا يخلو عن حالين: إما أن نتوفينك قبل أن ترى نقمتنا منهم.. وفي هذه الحالة فسنتولى نحن عذابهم والانتقام منهم، حسب إرادتنا ومشيئتنا، وإما أن نبقى حياتك حتى ترى بعينيك العذاب الذي توعدناهم به، فإنا عليهم وعلى غيرهم مقتدرون على تنفيذ ما نتوعد به من دون أن يستطيع أحد الإفلات من قبضتنا وقدرتنا.قال ابن كثير: أى: نحن قادرون على هذا وعلى هذا. ولم يقبض الله- تعالى- رسوله، حتى أقر عينه من أعدائه، وحكمه في نواصيهم، وملكه ما تضمنته صياصيهم .وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ثم قال : ( فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون ) أي : لا بد أن ننتقم منهم ونعاقبهم ، ولو ذهبت أنت
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمونقوله تعالى فإما نذهبن بك يريد أخرجنك من مكة من أذى قريش . ( فإنا منهم منتقمون )
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) اختلف أهل التأويل في المعنيين بهذا الوعيد, فقال بعضهم: عني به أهل الإسلام من أمة نبينا عليه الصلاة والسلام .* ذكر من قال ذلك:حدثنا سوار بن عبد الله العنبري, قال: ثني أبي, عن أبي الأشهب, عن الحسن, في قوله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) قال: لقد كانت بعد نبي الله نقمة شديدة, فأكرم الله جلّ ثناؤه نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يريه في أمته ما كان من النقمة بعده.حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) فذهب الله بنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, ولم ير في أمته إلا الذي تقرّ به عينه, وأبقى الله النقمة بعده, وليس من نبيّ إلا وقد رأى في أمته العقوبة, أو قال ما لا يشتهي. ذُكر لنا أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُري الذي لقيت أمته بعده, فما زال منقبضا ما انبسط ضاحكا حتى لقي الله تبارك وتعالى.حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, قال: تلا قتادة ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) فقال: ذهب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبقيت النقمة, ولم ير الله نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في أمته شيئا يكرهه حتى مضى, ولم يكن نبيّ قطّ إلا رأى العقوبة في أمته, إلا نبيكم صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. قال: وذُكر لنا أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أري ما يصيب أمته بعده, فما رئي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله.وقال آخرون: بل عنى به أهل الشرك من قريش, وقالوا: قد أري الله نبيه عليه الصلاة والسلام فيهم.* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ ) كما انتقمنا من الأمم الماضية.