وأرسلنا إلى "مدين" أخاهم شعيبًا، فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده، وأخلصوا له العبادة، ما لكم من إله غيره، وارجوا بعبادتكم جزاء اليوم الآخر، ولا تكثروا في الأرض الفساد والمعاصي، ولا تقيموا عليها، ولكن توبوا إلى الله منها وأنيبوا.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«و» أَرسلنا «إلى مدْين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر» اخشوه، هو يوم القيامة «ولا تعثوْا في الأرض مفسدين» حال مؤكدة لعاملها من عثي بكسر المثلثة أفسد.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي و أرسلنا إِلَى مَدْيَنَ القبيلة المعروفة المشهورة شُعَيْبًا فأمرهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له، والإيمان بالبعث ورجائه، والعمل له، ونهاهم عن الإفساد في الأرض، ببخس المكاييل والموازين، والسعي بقطع الطرق.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وإلى مدين أخاهم شعيبا ) أي : وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا ( فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ) أي : واخشوا ( ولا تعثوا في الأرض مفسدين )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً.. معطوف على مقدر محذوف، لدلالة ما قبله عليه. ومدين: اسم للقبيلة التي تنسب إلى مدين بن إبراهيم- عليه السلام-. وكانوا يسكنون في المنطقة التي تسمى معان بين حدود الحجاز والشام.وقد أرسل الله- تعالى- إليهم شعيبا- عليه السلام- ليأمرهم بعبادة الله- تعالى- وحده، ولينهاهم عن الرذائل التي كانت منتشرة فيهم، والتي من أبرزها التطفيف في المكيال والميزان.والمعنى: وكما أرسلنا نوحا إلى قومه، وإبراهيم إلى قومه، أرسلنا إلى أهل مدين، رسولنا شعيبا- عليه السلام-.فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أى: فقال لهم ناصحا ومرشدا، الكلمة التي قالها كل نبي لأمته: يا قوم اعبدوا الله- تعالى- وحده، واتركوا ما أنتم عليه من شرك.وقال لهم- أيضا: وارجوا النجاة من أهوال يوم القيامة، بأن تستعدوا له بالإيمان والعمل الصالح، ولا تعثوا في الأرض مفسدين، فإن الإفساد في الأرض ليس من شأن العقلاء، وإنما هو من شأن الجهلاء الجاحدين لنعم الله- تعالى-. يقال: عثى فلان في الأرض يعثو ويعثى- كقال وتعب-، إذا ارتكب أشد أنواع الفساد فيها.فأنت ترى أن شعيبا- عليه السلام- وهو خطيب الأنبياء- كما جاء في الحديث الشريف، قد أمر قومه بإخلاص العبادة لله، وبالعمل الصالح الذي ينفعهم في أخراهم، ونهاهم عن الإفساد في الأرض، فماذا كان موقفهم منه؟
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يخبر تعالى عن عبده ورسوله شعيب عليه السلام ، أنه أنذر قومه أهل مدين ، فأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له ، وأن يخافوا بأس الله ونقمته وسطوته يوم القيامة ، فقال : ( يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ) .. قال ابن جرير : قال بعضهم : معناه : واخشوا اليوم الآخر ، وهذا كقوله تعالى : ( لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) [ الممتحنة : 6 ] .ثم نهاهم عن العيث في الأرض بالفساد ، وهو السعي فيها والبغي على أهلها ، وذلك أنهم كانوا ينقصون المكيال والميزان ، ويقطعون الطريق على الناس ،
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال ياقوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدينقوله تعالى : وإلى مدين أخاهم شعيبا أي وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا وقد تقدم ذكرهم وفسادهم في ( الأعراف ) و ( هود ) . وارجوا اليوم الآخر وقال يونس النحوي : أي اخشوا الآخرة التي فيها الجزاء على الأعمال ولا تعثوا في الأرض أي لا تكفروا فإنه أصل كل فساد . والعثو والعثي أشد الفساد .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)يقول تعالى ذكره: وأرسلت إلى مَدْين أخاهم شعيبا، فقال لهم: ( يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) وحده، وذِلُّوا له بالطاعة، واخضعوا له بالعبادة ( وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ ) يقول: وارجوا بعبادتكم إياي جزاءَ اليوم الآخر، وذلك يوم القيامة ( وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ ) يقول: ولا تكثِروا في الأرض معصية الله، ولا تقيموا عليها، ولكن توبوا إلى الله منها وأنيبوا.وقد كان بعض أهل العلم بكلام العرب يتأوّل قوله: ( وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ ) بمعنى: واخشَوا اليوم الآخر، وكان غيره من أهل العلم بالعربية يُنكر ذلك ويقول: لم نجد الرجاء بمعنى الخوف في كلام العرب إلا إذا قارنه الجَحْد.
﴿ وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال ياقوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾