ولقد ضربنا لهؤلاء المشركين بالله في هذا القرآن من كل مثل من أمثال القرون الخالية تخويفًا وتحذيرًا؛ ليتذكروا فينزجروا عما هم عليه مقيمون من الكفر بالله. وجعلنا هذا القرآن عربيًا واضح الألفاظ سهل المعاني، لا لَبْس فيه ولا انحراف؛ لعلهم يتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قرآنا عربيا» حال مؤكدة «غير ذي عوج» أي لبس واختلاف «لعلهم يتقون» الكفر.
﴿ تفسير السعدي ﴾
قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ أي: جعلناه قرآنا عربيا، واضح الألفاظ، سهل المعاني، خصوصا على العرب. غَيْرَ ذِي عِوَجٍ أي: ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه، لا في ألفاظه ولا في معانيه، وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته كما قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّمًا لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ الله تعالى، حيث سهلنا عليهم طرق التقوى العلمية والعملية، بهذا القرآن العربي المستقيم، الذي ضرب اللّه فيه من كل مثل.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قرآنا عربيا ) نصب على الحال ، ( غير ذي عوج ) قال ابن عباس : غير مختلف . قال مجاهد : غير ذي لبس . قال السدي : غير مخلوق . ويروى ذلك عن مالك بن أنس ، وحكي عن سفيان بن عيينة عن سبعين من التابعين أن القرآن ليس بخالق ولا مخلوق ( لعلهم يتقون ) الكفر والتكذيب به .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه- قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ... ثناء آخر منه- تعالى- على كتابه الكريم.والجملة الكريمة حال مؤكدة من قوله قبل ذلك: هذَا الْقُرْآنِ....أى: هذا القرآن قرآنا عربيا لا لبس فيه ولا اختلاف ولا اضطراب ولا تناقض.قال صاحب الكشاف: قوله: قُرْآناً عَرَبِيًّا حال مؤكدة كقولك: جاءني زيد رجلا صالحا، وإنسانا عاقلا. ويجوز أن ينتصب على المدح غَيْرَ ذِي عِوَجٍ أى: مستقيما بريئا من التناقض والاختلاف.فإن قلت: فهلا قيل مستقيما، أو غير معوج؟ قلت: فيه فائدتان:إحداهما: نفى أن يكون فيه عوج قط، كما قال: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً.والثانية: أن لفظ العوج مختص بالمعاني دون الأعيان ... وقيل: المراد بالعوج: الشك واللبس، وأنشد:وقد أتاك يقين غير ذي عوج ... من الإله وقول غير مكذوبوقوله: لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ علة أخرى لاشتمال القرآن على الأمثال المتكررة المتنوعة.أى: كررنا الأمثال النافعة في هذا القرآن للناس، كي يتقوا الله- تعالى- ويخشوا عقابه.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( قرءانا عربيا غير ذي عوج ) أي : هو قرآن بلسان عربي مبين ، لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا لبس ، بل هو بيان ووضوح وبرهان ، وإنما جعله الله [ عز وجل ] كذلك ، وأنزله بذلك ( لعلهم يتقون ) أي : يحذرون ما فيه من الوعيد ، ويعملون بما فيه من الوعد .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
" قرآنا عربيا " نصب على الحال . قال الأخفش : لأن قوله - جل وعز - : " في هذا القرآن " معرفة . وقال علي بن سليمان : " عربيا " نصب على الحال و " قرآنا " توطئة للحال ، كما تقول : مررت بزيد رجلا صالحا ، فقولك صالحا هو المنصوب على الحال . وقال الزجاج : " عربيا " منصوب على الحال و " قرآنا " توكيد .غير ذي عوج النحاس : أحسن ما قيل فيه قول الضحاك ، قال : غير مختلف . وهو قول ابن عباس ، ذكره الثعلبي . وعن ابن عباس أيضا : غير مخلوق ، ذكره المهدوي وقاله السدي فيما ذكره الثعلبي . وقال عثمان بن عفان : غير متضاد . وقال مجاهد : غير ذي لبس . وقال بكر بن عبد الله المزني : غير ذي لحن . وقيل : غير ذي شك . قال السدي فيما ذكره الماوردي . قال :وقد أتاك يقين غير ذي عوج من الإله وقول غير مكذوب" لعلهم يتقون " الكفر والكذب .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) يقول تعالى ذكره: لقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل قرآنا عربيا( غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ) يعني: ذي لبس.كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ ) : غير ذي لبس.ونصب قوله: ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) على الحال من قوله: هذا القرآن, لأن القرآن معرفة, وقوله ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) نكرة.وقوله: ( لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) يقول: جعلنا قرآنا عربيا إذ كانوا عربا, ليفهموا ما فيه من المواعظ, حتى يتقوا ما حذرهم الله فيه من بأسه وسطوته, فينيبوا إلى عبادته وإفراد الألوهة له, ويتبرّءوا من الأنداد والآلهة.