وخلقنا أبا الجن، وهو إبليس مِن قَبْل خلق آدم من نار شديدة الحرارة لا دخان لها.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«والجان» أبا الجان وهو إبليس «خلقناه من قبل» أي قبل خلق آدم «من نار السموم» هي نار لا دخان لها تنفذ من المسام.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَالْجَانَّ وهو: أبو الجن أي: إبليس خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ خلق آدم مِنْ نَارِ السَّمُومِ أي: من النار الشديدة الحرارة
﴿ تفسير البغوي ﴾
( والجان خلقناه من قبل ) قال ابن عباس : هو أبو الجن كما أن آدم أبو البشر .وقال قتادة : هو إبليس خلق قبل آدم .ويقال : الجان : أبو الجن ، وإبليس أبو الشياطين .وفي الجن مسلمون وكافرون ، ويحيون ويموتون ، وأما الشياطين; فليس منهم مسلمون ، ويموتون إذا مات إبليس .وذكر وهب : إن من الجن من يولد لهم ويأكلون ويشربون [ بمنزلة الآدميين ] ومن الجن من هم بمنزلة الريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون .( من نار السموم ) والسموم ريح حارة تدخل مسام الإنسان فتقتله . ويقال : السموم بالنهار والحرور بالليل .وعن الكلبي ، عن أبي صالح : السموم نار لا دخان لها ، والصواعق تكون منها ، وهي نار بين السماء وبين الحجاب ، فإذا أحدث الله أمرا خرقت الحجاب فهوت إلى ما أمرت ، فالهدة التي تسمعون في خرق ذلك الحجاب .وقيل : نار السموم لهب النار .وقيل : من نار السموم أي : من نار جهنم .وعن الضحاك ، عن ابن عباس قال : كان إبليس من حي من الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار ، فأما الملائكة فإنهم خلقوا من النور .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك المادة التي خلق منها الجان فقال- سبحانه-: وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ.والمراد بالجان هنا: أبو الجن عند جمهور المفسرين. وقيل هو إبليس. وقيل هو اسم لجنس الجن. وسمى جانا لتواريه عن الأعين، واستتاره عن بنى آدم.أى: والجان خلقناه مِنْ قَبْلُ أى: من قبل خلق آدم مِنْ نارِ السَّمُومِ أى: من الريح الحارة التي تقتل. وسميت سموما، لأنها لشدة حرارتها، وقوة تأثيرها تنفذ في مسام البدن.قال ابن كثير: وقد ورد في الحديث الصحيح: «خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار، وخلق بنو آدم مما وصف لكم» .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله : ( والجان خلقناه من قبل ) أي : من قبل الإنسان ( من نار السموم ) قال ابن عباس : هي السموم التي تقتل .وقال بعضهم : السموم بالليل والنهار . ومنهم من يقول : السموم بالليل ، والحرور بالنهار .وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : دخلت على عمرو الأصم أعوده ، فقال : ألا أحدثك حديثا سمعته من عبد الله بن مسعود يقول : هذه السموم جزء من سبعين جزءا من السموم التي خلق منها الجان ، ثم قرأ : ( والجان خلقناه من قبل من نار السموم )وعن ابن عباس : أن الجان خلق من لهب النار ، وفي رواية : من أحسن النار .وعن عمرو بن دينار : من نار الشمس . وقد ورد في الصحيح : " خلقت الملائكة من نور ، وخلقت الجان من مارج من نار ، وخلق بنو آدم مما وصف لكم " ومقصود الآية : التنبيه على شرف آدم - عليه السلام - وطيب عنصره ، وطهارة محتده
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : والجان خلقناه من قبل من نار السموم قوله تعالى : والجان خلقناه من قبل أي من قبل خلق آدم . وقال الحسن : يعني إبليس ، خلقه الله - تعالى - قبل آدم - عليه السلام - . وسمي جانا لتواريه عن الأعين . وفي صحيح مسلم من حديث ثابت عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لما صور الله - تعالى - آدم - عليه السلام - في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقا لا يتمالك .من نار السموم قال ابن مسعود : ( نار السموم التي خلق الله منها الجان جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ) . وقال ابن عباس : ( السموم الريح الحارة التي تقتل ) . وعنه ( أنها نار لا دخان لها ) ، والصواعق تكون منها ، وهي نار تكون بين السماء والحجاب . فإذا أحدث الله أمرا اخترقت الحجاب فهوت الصاعقة إلى ما أمرت . فالهدة التي تسمعون خرق ذلك الحجاب . وقال الحسن : نار السموم نار دونها حجاب ، والذي تسمعون من انغطاط السحاب صوتها . وعن ابن عباس أيضا قال : ( كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة - قال - : وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار .قلت : هذا فيه نظر ; فإنه يحتاج إلى سند يقطع العذر ; إذ مثله لا يقال من جهة الرأي . وقد خرج مسلم من حديث عروة عن عائشة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم . فقوله : خلقت الملائكة من نور يقتضي العموم . والله أعلم . وقال الجوهري : مارج من نار نار لا دخان لها خلق منها الجان . والسموم الريح الحارة تؤنث ; يقال منه : سم يومنا فهو يوم مسموم ، والجمع سمائم . قال أبو عبيدة : ( السموم بالنهار وقد تكون بالليل ، والحرور بالليل وقد تكون بالنهار ) . القشيري : وسميت الريح الحارة سموما لدخولها في مسام البدن .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: ( والجانَّ ) وقد بيَّنا فيما مضى معنى الجانّ ولم قيل له جان. وعني بالجانّ هاهنا: إبليس أبا الجنّ. يقول تعالى ذكره: وإبليس خلقناه من قبل الإنسان من نار السموم.كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ ) وهو إبليس خُلق قبل آدم ، وإنما خلق آدم آخر الخلق، فحسده عدوّ الله إبليس على ما أعطاه الله من الكرامة، فقال: أنا ناريّ، وهذا طينيّ، فكانت السجدة لآدم ، والطاعة لله تعالى ذكره، فقال ( اخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) .واختلف أهل التأويل في معنى ( نَارِ السَّمُومِ ) فقال بعضهم: هي السموم الحارّة التي تقتل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس في قوله ( وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ) قال: هي السموم التي تقتل، فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت قال: هي السموم التي تقتل.حدثني المثنى، قال: ثنا الحِمَّانِيّ، قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق التميمي، عن ابن عباس ( وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ) قال: هي السموم التي تقتل، فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت قال: هي السموم التي تقتل.وقال آخرون: يعني بذلك من لهب النار.* ذكر من قال ذلك:حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله ( وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ) قال: من لهب من نار السموم.حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان، عن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجنّ، خُلقوا من نار السموم من بين الملائكة. قال: وخُلقت الجنّ الذين ذُكروا في القرآن من مارج من نار.حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: دخلت على عمرو بن الأصم أعوده، فقال: ألا أحدّثك حديثًا سمعته من عبد الله؟ سمعت عبد الله يقول: هذه السموم جزء من سبعين جزءا من السموم التي خرج منها الجانّ. قال: وتلا( وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ ) . وكان بعض أهل العربية يقول: السموم بالليل والنهار. وقال بعضهم: الحَرُور بالنهار، والسموم بالليل، يقال: سَمَّ يومُنا يَسَمُّ سَمُومًا.حدثني المثنى، قال: ثنا محمد بن سهل بن عسكر، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: ثني عبد الصمد بن معقل، قال: سمعت وهب بن منبه، وسئل عن الجنّ ما هم، وهل يأكلون أو يشربون، أو يموتون، أو يتناكحون؟ قال: هم أجناس، فأما خالص الجنّ فهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون ولا يتوالدون. ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتناكحون ويموتون، وهي هذه التي منها السعالِي والغُول وأشباه ذلك.