أولئك الذين بطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة، فلا يُقبل لهم عمل، وما لهم من ناصرٍ ينصرهم من عذاب الله.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«أولئك الذين حبطت» بطلت «أعمالهم» ما عملوا من خير كصدقة وصلة رحم «في الدنيا والآخرة» فلا اعتداد بها لعدم شرطها «وما لهم من ناصرين» مانعين من العذاب.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وبطلت أعمالهم بما كسبت أيديهم، وما لهم أحد ينصرهم من عذاب الله ولا يدفع عنهم من نقمته مثقال ذرة، بل قد أيسوا من كل خير، وحصل لهم كل شر وضير، وهذه الحالة صفة اليهود ونحوهم، قبحهم الله ما أجرأهم على الله وعلى أنبيائه وعباده الصالحين.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أولئك الذين حبطت ) بطلت ( أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ) وبطلان العمل في الدنيا أن لا يقبل وفي الآخرة ألا يجازى عليه .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أخبر- سبحانه- بفساد أعمالهم في الدنيا والآخرة فقال: أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.والحبوط- كما يقول الراغب- من الحبط، وهو أن تكثر الدابة الأكل حتى تنتفخ بطنها، وقد يؤدى إلى موتها.والمراد بحبوط أعمالهم إزالة آثارها النافعة من ثواب في الآخرة وحياة طيبة في الدنيا، لأنهم عملوا ما عملوا وهم لا يرجون الله وقارا.وجيء باسم الإشارة في صدر الآية، لتمييز أصحاب تلك الأفعال القبيحة أكمل تمييز، وللتنبيه على أنهم أحقاء بما سيخبر به عنهم بعد اسم الإشارة.وكانت الإشارة للبعيد، للإيذان ببعدهم عن الطريق القويم، والخلق المستقيم، وقوله أُولئِكَ مبتدأ والموصول وصلته خبره.أى: أولئك المتصفون بتلك الصفات القبيحة بطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وسقطت عن حيز الاعتبار، وخلت عن الثمرة التي كانوا يؤملونها من ورائها، بسبب إشراكهم بالله واعتدائهم على حرماته.وقوله وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ نفى لكل ما كانوا يتوهمونه من أسباب النصر، وقد أكد هذا النفي بمن الزائدة.أى ليس لهم من أحد ينصرهم من بأس الله وعقابه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأنهم بسبب كفرهم وأفعالهم القبيحة صاروا مستحقين للعقاب، وليس هناك من يدفعه عنهم.فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصفهم بصفات ثلاث: بالكفر وقتل الأنبياء وقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس.وتوعدهم- أيضا- بثلاثة أنواع من العقوبات: بالعذاب الأليم، وحبوط أعمالهم في الدنيا والآخرة، وانتفاء من ينصرهم أو يدافع عنهم.وبذلك نرى الآيتين الكريمتين تسوقان أشد ألوان التهديد والوعيد لهؤلاء المعتدين، بسبب كفرهم وأعمالهم القبيحة.وبعد أن وصف القرآن هؤلاء المعاندين بالكفر وقتل الأنبياء والمصلحين وبين سوء مصيرهم، أتبع ذلك ببيان رذيلة من أفحش رذائلهم وهي أنهم يدعون إلى التحاكم إلى الكتاب الذي يزعمون أنهم يؤمنون به، فيمتنعون عن ذلك غرورا وعنادا، استمع إلى القرآن وهو يصور أحوالهم السيئة فيقول:
أي بطلت وفسدت ; ومنه الحبط وهو فساد يلحق المواشي في بطونها من كثرة أكلها الكلأ فتنتفخ أجوافها ,
﴿ تفسير الطبري ﴾
أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)وأما قوله: ( أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) ، فإنه يعني بقوله: " أولئك "، الذين يكفرون بآيات الله. ومعنى ذلك: أنّ الذين ذكرناهم، هم =" الذين حبطت أعمالهم "، يعني: بطلت أعمالهم (62) =" في الدنيا والآخرة ". فأما في الدنيا، (63) فلم ينالوا بها محمدةً ولا ثناء من الناس، لأنهم كانوا على ضلال وباطل، ولم يرفع الله لهم بها ذكرًا، بل لعنهم وهتك أستارهم، وأبدى ما كانوا يخفون من قبائح أعمالهم على ألسن أنبيائه ورسله في كتبه التي أنزلها عليهم، فأبقى لهم ما بقيت الدنيا مذمَّةً، فذلك حبوطها في الدنيا. وأما في الآخرة، فإنه أعدّ لهم فيها من العقاب ما وصف في كتابه، وأعلم عباده أن أعمالهم تصير بُورًا لا ثوابَ لها، لأنها كانت كفرًا بالله، فجزاءُ أهلها الخلودُ في الجحيم.* * *وأما قوله: " وما لهم من ناصرين "، فإنه يعني: وما لهؤلاء القوم من ناصر ينصرهم من الله، إذا هو انتقم منهم بما سلف من إجرامهم واجترائهم عليه، فيستنقذُهم منه. (64)* * *------------------------الهوامش :(62) انظر تفسير"حبط" فيما سلف 4: 317.(63) في المطبوعة والمخطوطة: "فأما قوله: في الدنيا..." ، وحذفت قوله ، لأني أرجح أنها سبق قلم من الناسخ ، لأن سياق كلامه وسياق قوله بعد: "وأما في الآخرة" يقتضي حذفها.(64) انظر معنى"نصر" فيما سلف 2: 35 ، 36 ، 489 ، 564 / ثم 5: 581.
﴿ أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ﴾