أغَفَل هؤلاء الكافرون، ولم ينظروا إلى الطير فوقهم، باسطات أجنحتها عند طيرانها في الهواء، ويضممنها إلى جُنوبها أحيانًا؟ ما يحفظها من الوقوع عند ذلك إلا الرحمن. إنه بكل شيء بصير لا يُرى في خلقه نقص ولا تفاوت. بل مَن هذا الذي هو في زعمكم- أيها الكافرون- حزب لكم ينصركم من غير الرحمن، إن أراد بكم سوءًا؟ ما الكافرون في زعمهم هذا إلا في خداع وضلال من الشيطان. بل مَن هذا الرازق المزعوم الذي يرزقكم إن أمسك الله رزقه ومنعه عنكم؟ بل استمر الكافرون في طغيانهم وضلالهم في معاندة واستكبار ونفور عن الحق، لا يسمعون له، ولا يتبعونه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«أمَّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك» الرحمن «رزقه» أي المطر عنكم وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، أي فمن يرزقكم، أي لا رازق لكم غيره «بل لجوا» تمادوا «في عتو» تكبر «ونفور» تباعد عن الحق.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ أي: الرزق كله من الله، فلو أمسك عنكم رزقه، فمن الذي يرسله لكم؟ فإن الخلق لا يقدرون على رزق أنفسهم، فكيف بغيرهم؟ فالرزاق المنعم، الذي لا يصيب العباد نعمة إلا منه، هو الذي يستحق أن يفرد بالعبادة، ولكن الكافرون لَجُّوا أي: استمروا فِي عُتُوٍّ أي: قسوة وعدم لين للحق وَنُفُورٍ أي: شرود عن الحق.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) أي من الذي يرزقكم المطر إن أمسك الله [ عنكم ] ( بل لجوا في عتو ) تماد في الضلال ( ونفور ) تباعد من الحق . وقال مجاهد : كفور .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم انتقل- سبحانه- إلى إلزامهم بنوع آخر من الحجج فقال: أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ..أى: بل أخبرونى من هذا الذي يزعم أنه يستطيع أن يوصل إليكم الرزق والخير، إذا أمسك الله- تعالى- عنكم ذلك، أو منع عنكم الأسباب التي تؤدى إلى نفعكم وإلى قوام حياتكم، كمنع نزول المطر إليكم، وكإهلاك الزروع والثمار التي تنبتها الأرض..إنه لا أحد يستطيع أن يرزقكم سوى الله- تعالى-.وقوله: بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ جملة مستأنفة جواب لسؤال تقديره: فهل انتفع المشركون بتلك المواعظ فكان الجواب كلا إنهم لم ينتفعوا، بل لَجُّوا أى تمادوا في اللجاج والجدال بالباطل وفِي عُتُوٍّ أى: وفي استكبار وطغيان، وفي نُفُورٍ أى: شرود وتباعد عن الطريق المستقيم.أى: أنهم ساروا في طريق أهوائهم حتى النهاية، دون أن يستمعوا إلى صوت نذير أو واعظ أو مرشد.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ثم قال : ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) ؟ ! أي : من هذا الذي إذا قطع الله رزقه عنكم يرزقكم بعده ؟ ! أي : لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق ، وينصر إلا الله ، عز وجل ، وحده لا شريك له ، أي : وهم يعلمون ذلك ، ومع هذا يعبدون غيره ; ولهذا قال : ( بل لجوا ) أي : استمروا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم ) في عتو ونفور ) أي : معاندة ، واستكبارا ، ونفورا على أدبارهم عن الحق ، أي لا يسمعون له ولا يتبعونه .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : أم من هذا الذي يرزقكم أي يعطيكم منافع الدنيا . وقيل المطر من آلهتكم .إن أمسك - يعني الله تعالى - رزقه .بل لجوا أي تمادوا وأصروا .في عتو طغيانونفور عن الحق
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : ( أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور ( 21 ) )يقول تعالى ذكره : أم من هذا الذي يطعمكم ويسقيكم ، ويأتي بأقواتكم إن أمسك بكم رزقه الذي يرزقه عنكم .وقوله : ( بل لجوا في عتو ونفور ) يقول : بل تمادوا في طغيان ونفور عن الحق واستكبار . [ ص: 515 ]وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .ذكر من قال ذلك :حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( بل لجوا في عتو ونفور ) يقول : في ضلال .حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( بل لجوا في عتو ونفور ) قال : كفور .
﴿ أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور ﴾