ويدور على هؤلاء الأبرار لخدمتهم غلمان دائمون على حالهم، إذا أبصرتهم ظننتهم- لحسنهم وصفاء ألوانهم وإشراق وجوههم- اللؤلؤ المفرَّق المضيء.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ويطوف عليهم ولدان مخلدون» بصفة الولدان لا يشيبون «إذا رأيتهم حسبتهم» لحسنهم وانتشارهم في الخدمة «لؤلؤا منثورا» من سلكه أو من صدفه وهو أحسن منه في غير ذلك.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَيَطُوفُ على أهل الجنة، في طعامهم وشرابهم وخدمتهم. وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ أي: خلقوا من الجنة للبقاء، لا يتغيرون ولا يكبرون، وهم في غاية الحسن، إِذَا رَأَيْتَهُمْ منتشرين في خدمتهم حَسِبْتَهُمْ من حسنهم لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا وهذا من تمام لذة أهل الجنة، أن يكون خدامهم الولدان المخلدون، الذين تسر رؤيتهم، ويدخلون على مساكنهم، آمنين من تبعتهم، ويأتونهم بما يدعون وتطلبه نفوسهم،
﴿ تفسير البغوي ﴾
"ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً"، قال عطاء: يريد في بياض اللؤلؤ وحسنه، واللؤلؤ إذا نثر من الخيط على البساط، كان أحسن منه منظوماً.وقال أهل المعاني: إنما شبهوا بالمنثور لانتثارهم في الخدمة، فلو كانوا صفاً لشبهوا المنظوم.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أخبر- سبحانه- عن نوع آخر من الخدم، يطوفون على هؤلاء الأبرار لخدمتهم، فقال: وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ، إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً.أى: ويطوف على هؤلاء الأبرار وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ أى: دائمون على ما هم عليه من النضارة والشباب.. إذا رأيتهم- أيها المخاطب حَسِبْتَهُمْ وظننتهم لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً أى: حسبتهم من حسنهم، وصفاء ألوانهم، ونضارة وجوههم.. لؤلؤا ودرا مفرقا في جنبات المجالس وأوسطها.فقوله- تعالى- مُخَلَّدُونَ احتراس المقصود منه دفع توهم أنهم سيصيرون في يوم من الأيام كهولا، قالوا: وشبهوا باللؤلؤ المنثور، لأن اللؤلؤ إذا نثر على البساط، كان أكثر جمالا منه فيما لو كان منظوما.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله تعالى : ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) أي : يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة ( مخلدون ) أي : على حالة واحدة مخلدون عليها ، لا يتغيرون عنها ، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن . ومن فسرهم بأنهم مخرصون في آذانهم الأقرطة ، فإنما عبر عن المعنى بذلك ; لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير .وقوله : ( إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) أي : إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة ، وكثرتهم ، وصباحة وجوههم ، وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا . ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن .قال قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو : ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف خادم ، كل خادم على عمل ما عليه صاحبه .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ويطوف عليهم ولدان مخلدون بين من الذي يطوف عليهم بالآنية ; أي ويخدمهم ولدان مخلدون ، فإنهم أخف في الخدمة . ثم قال : مخلدون أي باقون على ما هم عليه من الشباب والغضاضة والحسن ، لا يهرمون ولا يتغيرون ، ويكونون على سن واحدة على مر الأزمنة . وقيل : مخلدون لا يموتون . وقيل : مسورون مقرطون ; أي محلون والتخليد التحلية . وقد تقدم هذا .إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا أي ظننتهم من حسنهم وكثرتهم وصفاء ألوانهم لؤلؤا مفرقا في عرصة المجلس ، واللؤلؤ إذا نثر على بساط كان أحسن منه منظوما . وعن المأمون أنه ليلة زفت إليه بوران بنت الحسن بن سهل ، وهو على بساط منسوج من ذهب ، وقد نثرت عليه نساء دار الخليفة اللؤلؤ ، فنظر إليه منثورا على ذلك البساط فاستحسن المنظر وقال : لله در أبي نواس كأنه أبصر هذا حيث يقول :كأن صغرى وكبرى من فقاقعها حصباء در على أرض من الذهبوقيل : إنما شبههم بالمنثور ; لأنهم سراع في الخدمة ، بخلاف الحور العين إذ شبههن باللؤلؤ المكنون المخزون ; لأنهن لا يمتهن بالخدمة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
قول تعالى ذكره : ويطوف على هؤلاء الأبرار ولدان ، وهم الوصفاء ، مخلدون .اختلف أهل التأويل في معنى : ( مخلدون ) فقال بعضهم : معنى ذلك : أنهم لا يموتون .ذكر من قال ذلك :حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ويطوف عليهم ولدان مخلدون ) أي : لا يموتون .حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .وقال آخرون : عني بذلك ( ولدان مخلدون ) مسورون .وقال آخرون : بل عني به أنهم مقرطون . وقيل : عني به أنهم دائم شبابهم ، لا يتغيرون عن تلك السن .وذكر عن العرب أنها تقول للرجل إذا كبر وثبت سواد شعره : إنه لمخلد; كذلك إذا كبر وثبت أضراسه وأسنانه قيل : إنه لمخلد ، يراد به أنه ثابت الحال ، وهذا تصحيح لما قال قتادة من أن معناه : لا يموتون ، لأنهم إذا ثبتوا على حال واحدة فلم يتغيروا بهرم ولا شيب ولا موت ، فهم مخلدون . وقيل : إن معنى قوله : ( مخلدون ) مسورون بلغة حمير; وينشد لبعض شعرائهم :ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن أقاوز الكثبان[ ص: 111 ]وقوله : ( إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) يقول تعالى ذكره : إذا رأيت يا محمد هؤلاء الولدان مجتمعين أو مفترقين ، تحسبهم في حسنهم ، ونقاء بياض وجوههم ، وكثرتهم ، لؤلؤا مبددا ، أو مجتمعا مصبوبا .وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .ذكر من قال ذلك :حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( لؤلؤا منثورا ) قال : من كثرتهم وحسنهم .حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( إذا رأيتهم حسبتهم ) من حسنهم وكثرتهم ( لؤلؤا منثورا ) وقال قتادة : عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : ما من أهل الجنة من أحد إلا ويسعى عليه ألف غلام ، كل غلام على عمل ما عليه صاحبه .حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : ( حسبتهم لؤلؤا منثورا ) قال : في كثرة اللؤلؤ وبياض اللؤلؤ .
﴿ ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ﴾