أولم يعلم هؤلاء كيف ينشئ الله الخلق من العدم، ثم يعيده من بعد فنائه، كما بدأه أول مرة خلقًا جديدًا، لا يتعذر عليه ذلك؟ إن ذلك على الله يسير، كما كان يسيرًا عليه إنشاؤه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«أَو لم يروْا» بالياء والتاء ينظروا «كيف يُبدئ الله الخلق» هو بضم أوله وقرأ بفتحة من بدأ وأبدأ بمعنى أي يخلقهم ابتداءً «ثم» هو «يعيده» أي الخلق كما بدأه «إن ذلك» المذكور من الخلق الأول والثاني «على الله يسير» فكيف ينكرون الثاني.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ يوم القيامة إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ) كيف يخلقهم ابتداء نطفة ثم علقة ثم مضغة ) ( ثم يعيده ) في الآخرة عند البعث ( إن ذلك على الله يسير )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم ساق- سبحانه- ما يدل على أن البعث حق، وأنه- تعالى- لا يعجزه شيء، فقال: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ.والاستفهام لتوبيخهم على إنكارهم هذه الحقيقة، وعدم تعقلهم لما يدل عليها دلالة واضحة، والواو للعطف على مقدر.والمعنى: ألم ينظر هؤلاء المشركون المنكرون للبعث، ويعلموا كيف خلق الله- تعالى- الخلق ابتداء، ليستدلوا بذلك على قدرته على الإعادة، وهي أهون عليه.إنهم ليرون كيف يبدئ الله الخلق في النبتة النامية، وفي الشجرة الباسقة، وفي كل ما لم يكن، ثم بعد ذلك يكون، فكيف أنكروا إعادة هذا المخلوق إلى الحياة مرة أخرى، مع أنه من المسلم عند كل ذي عقل، أن الإعادة أيسر من الخلق ابتداء؟فالآية الكريمة تقرعهم على إنكارهم البعث، وتسوق لهم الأدلة الواضحة على إمكانيته.واسم الإشارة في قوله: إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ يعود إلى ما ذكر من الأمرين وهما:بدء الخلق، وإعادته إلى الحياة مرة أخرى.أى: إن ذلك الذي ذكرناه لكم من خلقكم ابتداء، ثم إعادتكم إلى الحياة بعد موتكم، يسير وهين على الله، لأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى مخبرا عن الخليل عليه السلام ، أنه أرشدهم إلى إثبات المعاد الذي ينكرونه ، بما يشاهدونه في أنفسهم من خلق الله إياهم ، بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا ، ثم وجدوا وصاروا أناسا سامعين مبصرين ، فالذي بدأ هذا قادر على إعادته ; فإنه سهل عليه يسير لديه .ثم أرشدهم إلى الاعتبار بما في الآفاق من الآيات المشاهدة من خلق الله الأشياء : السموات وما فيها من الكواكب النيرة : الثوابت ، والسيارات ، والأرضين وما فيها من مهاد وجبال ، وأودية وبرار وقفار ، وأشجار وأنهار ، وثمار وبحار ، كل ذلك دال على حدوثها في أنفسها ، وعلى وجود صانعها الفاعل المختار ، الذي يقول للشيء : كن ، فيكون ; ولهذا قال : ( أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير ) ، كقوله : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق قراءة العامة بالياء على الخبر والتوبيخ لهم وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم . قال أبو عبيد : لذكر الأمم كأنه قال أولم ير الأمم كيف . وقرأ أبو بكر والأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي : ( تروا ) بالتاء خطابا ; لقوله : وإن تكذبوا . وقد قيل ( وإن تكذبوا ) خطاب لقريش ليس من قول إبراهيم . ( ثم يعيده ) يعني الخلق والبعث . وقيل : المعنى أولم يروا كيف يبدئ الله الثمار فتحيا ثم تفنى ثم يعيدها أبدا وكذلك يبدأ خلق الإنسان ثم يهلكه بعد أن خلق منه ولدا وخلق من الولد ولدا وكذلك سائر الحيوان أي فإذا رأيتم قدرته على الإبداء والإيجاد فهو القادر على الإعادة إن ذلك على الله يسير لأنه إذا أراد أمرا قال له كن فيكون .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19)يقول تعالى ذكره: أولم يروا كيف يستأنف الله خلق الأشياء طفلا صغيرا، ثم غلاما يافعا، ثم رجلا مجتمعا، ثم كهلا يقال منه: أبدأ وأعاد وبدأ وعاد، لغتان بمعنى واحد. وقوله: (ثُمَّ يُعِيدُه) يقول: ثم هو يعيده من بعد فنائه وبلاه، كما بدأه أوّل مرّة خلقا جديدا، لا يتعذّر عليه ذلك ( إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) سهل كما كان يسيرًا عليه إبداؤه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، في قوله: ( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) : بالبعث بعد الموت.
﴿ أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير ﴾