من يصرف الله عنه ذلك العذاب الشديد فقد رحمه، وذلك الصرف هو الظفر البين بالنجاة من العذاب العظيم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«من يُصرف» بالبناء للمفعول أي العذاب وللفاعل أي الله والعائد محذوف «عنه يومئذ فقد رحمه» تعالى أي أراد له الخير «وذلك الفوز المبين» النجُاة الظاهرة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ فإن المعصية في الشرك توجب الخلود في النار، وسخطَ الجبار. وذلك اليوم هو اليوم الذي يُخاف عذابه، ويُحذر عقابه؛ لأنه مَن صُرف عنه العذاب يومئذ فهو المرحوم، ومن نجا فيه فهو الفائز حقا، كما أن من لم ينج منه فهو الهالك الشقي.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( من يصرف عنه ) يعني : من يصرف العذاب عنه ، قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ويعقوب " يصرف " بفتح الياء وكسر الراء ، أي : من يصرف الله عنه العذاب ، لقوله : " فقد رحمه " وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الراء ، ( يومئذ ) يعني : يوم القيامة ، ( فقد رحمه وذلك الفوز المبين ) أي : النجاة البينة .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم بين- سبحانه- أن النجاة من هول هذا اليوم غنيمة ليس بعدها غنيمة فقال: مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ، وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ.أى: من يصرف عنه عذاب هذا اليوم، فإنه يكون ممن شملتهم رحمة الله ورعايته، وذلك هو الفوز الذي ليس بعده فوز.والضمير الذي يعتبر نائب فاعل ليصرف، يعود على العذاب العظيم الذي سيحل بالمجرمين يوم القيامة.وفي قراءة لحمزة والكسائي وأبى بكر عن عاصم (من يصرف) بفتح الياء فيكون الضمير عائدا على الله- ويكون المفعول محذوفا. والتقدير من يصرف الله عنه هذا العذاب العظيم في ذلك اليوم فقد شملته رحمة الله، وعلى كلتا القراءتين فالضمير في قوله (فقد رحمه) يعود على الله- تعالى-:هذا، وفي هذه الآيات الخمس نجد القرآن قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله قُلْ خمس مرات وهو أسلوب إنذارى تلقيني كثر استعماله في هذه السورة- كما سبق أن قلنا في التمهيد لها- لأنه يلقن النبي صلى الله عليه وسلم الحجج التي تزلزل كيان المشركين وتأتى على بنيانهم من القواعد. وفضلا عن ذلك فهو لون من التفنن في أسلوب الدعوة إلى أن يحتاج إليه المرشدون والدعاة. لأن التزام أسلوب واحد في إقامة الحجة على الخصم يفضى إلى السآمة والملل، ومن هنا فقد لون القرآن أساليبه حتى تناسب العقول على اختلاف مداركها، وصدق الله إذ يقول انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ.ثم بين- سبحانه- أن نواصي العباد بيديه، وأنه هو المتصرف في خلقه بما يشاء، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه فقال- تعالى-:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( من يصرف عنه ) يعني : العذاب ( يومئذ فقد رحمه ) يعني : فقد رحمه الله ( وذلك الفوز المبين ) كما قال : ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) [ آل عمران : 185 ] ، والفوز : هو حصول الربح ونفي الخسارة .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
من يصرف عنه أي العذاب ( يومئذ ) يوم القيامة فقد رحمه أي : فاز ونجا ورحم .وقرأ الكوفيون " من يصرف " بفتح الياء وكسر الراء ، وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد ; لقوله : قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله ولقوله : فقد رحمه ولم يقل رحم على المجهول ، ولقراءة أبي " من يصرفه الله عنه " واختار سيبويه القراءة الأولى - قراءة أهل المدينة وأبي عمرو - قال سيبويه : وكلما قل الإضمار في الكلام كان أولى ; فأما قراءة من قرأ " من يصرف " بفتح الياء فتقديره : من يصرف الله عنه العذاب ، وإذا قرئ ( من يصرف عنه ) فتقديره : من يصرف عنه العذاب . وذلك الفوز المبين أي النجاة البينة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)قال أبو جعفر: اختلف القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة والبصرة: مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ ، بضم " الياء " وفتح " الراء ", بمعنى: من يُصرف عنه العذاب يومئذ .* * *وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة: (مَنْ يَصْرِفْ عَنْهُ) ، بفتح " الياء " وكسر " الراء ", بمعنى: من يصرف الله عنه العذاب يومئذ.* * *وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي, قراءة من قرأه: (يَصْرِفْ عَنْهُ)، بفتح " الياء " وكسر " الراء ", لدلالة قوله: " فقد رحمه " على صحة ذلك, وأنّ القراءة فيه بتسمية فاعله. ولو كانت القراءة في قوله: " من يصرف " ، على وجه ما لم يسمَّ فاعله, كان الوجه في قوله: " فقد رحمه " أن يقال : " فقد رُحِم " غير مسمى فاعله. وفي تسمية الفاعل في قوله: " فقد رحمه " ، دليل بيِّن على أن ذلك كذلك في قوله: " من يَصرف عنه ".* * *وإذا كان ذلك هو الوجه الأولَى بالقراءة, فتأويل الكلام: منْ يصرف عنه من خلقه يومئذ عذابه فقد رحمه =" وذلك هو الفوز المبين " ، ويعني بقوله: " وذلك " ، وصرفُ الله عنه العذاب يوم القيامة, ورحمته إياه =" الفوز " ، أي: النجاة من الهلكة، والظفر بالطلبة (36) =" المبين " ، يعني الذي بيَّن لمن رآه أنه الظفر بالحاجة وإدراك الطَّلِبة. (37)وبنحو الذي قلنا في قوله: " من يصرف عنه يومئذ " قال أهل التأويل:* ذكر من قال ذلك:13115 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله " من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه " ، قال: من يصرف عنه العذاب .------------------الهوامش :(36) انظر تفسير"الفوز" فيما سلف ص: 245 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.(37) انظر تفسير"مبين" فيما سلف ص: 265 ، تعليق 3 ، والمراجع هناك.