قال يعقوب: إني لَيؤلم نفسي مفارقته لي إذا ذهبتم به إلى المراعي، وأخشى أن يأكله الذئب، وأنتم عنه غافلون منشغلون.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«قال إني ليحزنني أن تذهبوا» أي ذهابكم «به» لفراقه «وأخاف أن يأكله الذئب» المراد به الجنس وكانت أرضهم كثيرة الذئاب «وأنتم عنه غافلون» مشغلون.
﴿ تفسير السعدي ﴾
فأجابهم بقوله: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ ْ أي: مجرد ذهابكم به يحزنني ويشق علي، لأنني لا أقدر على فراقه، ولو مدة يسيرة، فهذا مانع من إرساله وَ ْ مانع ثان، وهو أني أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ْ أي: في حال غفلتكم عنه، لأنه صغير لا يمتنع من الذئب.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( قال ) لهم يعقوب ( إني ليحزنني أن تذهبوا به ) أي : يحزنني ذهابكم به ، والحزن ها هنا : ألم القلب بفراق المحبوب ( وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ) وذلك أن يعقوب كان رأى في المنام أن ذئبا شد على يوسف فكان يخاف من ذلك ، فمن ثم قال هذه المقالة .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أخبر- سبحانه- عما رد به عليهم أبوهم فقال: قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ.والحزن: الغم الحاصل لوقوع مكروه أو فقد محبوب.والخوف: فزع النفس من مكروه يتوقع حصوله.والذئب: حيوان معروف بعدوانه على الضعاف من الإنسان ومن الحيوان، وأل فيه للجنس، والمراد به أى فرد من أفراد الذئاب.أى: قال يعقوب لأبنائه ردا على إلحاحهم في طلب يوسف للذهاب معهم يا أبنائى إننى ليحزنني حزنا شديدا فراق يوسف لي، وفضلا عن ذلك فإننى أخشى إذا أخذتموه معكم في رحلتكم أن يأكله الذئب، وأنتم عنه غافلون، بسبب اشتغالكم بشئون أنفسكم، وقلة اهتمامكم برعايته وحفظه.قالوا: وخص الذئب بالذكر من بين سائر الحيوانات، ليشعرهم بأن خوفه عليه مما هو أعظم من الذئب توحشا وافتراسا أشد وأولى.أو خصه بالذكر لأن الأرض التي عرفوا بالنزول فيها كانت كثيرة الذئاب.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يقول تعالى مخبرا عن نبيه يعقوب أنه قال لبنيه في جواب ما سألوا من إرسال يوسف معهم إلى الرعي في الصحراء : ( إني ليحزنني أن تذهبوا به ) أي : يشق علي مفارقته مدة ذهابكم به إلى أن يرجع ، وذلك لفرط محبته له ، لما يتوسم فيه من الخير العظيم ، وشمائل النبوة والكمال في الخلق والخلق ، صلوات الله وسلامه عليه .وقوله : ( وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ) يقول : وأخشى أن تشتغلوا عنه برميكم ورعيتكم فيأتيه ذئب فيأكله وأنتم لا تشعرون ، فأخذوا من فمه هذه الكلمة ، وجعلوها عذرهم فيما فعلوه
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلونقوله تعالى : قال إني ليحزنني أن تذهبوا به في موضع رفع ; أي ذهابكم به . أخبر عن حزنه لغيبته .وأخاف أن يأكله الذئب وذلك أنه رأى في منامه أن الذئب شد على يوسف ، فلذلك خافه عليه ; قاله الكلبي . وقيل : إنه رأى في منامه كأنه على ذروة جبل ، وكأن يوسف في بطن الوادي ، فإذا عشرة من الذئاب قد احتوشته تريد أكله ، فدرأ عنه واحد ، ثم انشقت الأرض فتوارى يوسف فيها ثلاثة أيام ; فكانت العشرة إخوته ، لما تمالئوا على قتله ، والذي دافع عنه أخوه الأكبر يهوذا ، وتواريه في الأرض هو مقامه في الجب ثلاثة أيام . وقيل : إنما قال ذلك لخوفه منهم عليه ، وإنه أرادهم بالذئب ; فخوفه إنما كان من قتلهم له ، فكنى عنهم بالذئب مساترة لهم ; قال ابن عباس : فسماهم ذئابا . وقيل : ما خافهم عليه ، ولو خافهم لما أرسله معهم ، وإنما خاف الذئب ; لأنه أغلب ما يخاف في الصحاري . والذئب مأخوذ من تذاءبت الريح إذا جاءت من كل وجه ; كذا قال أحمد بن يحيى ; قال : والذئب مهموز لأنه يجيء من كل وجه . وروى ورش عن نافع " الذيب " بغير همز ، لما كانت الهمزة ساكنة وقبلها كسرة فخففها صارت ياء .وأنتم عنه غافلون أي مشتغلون بالرعي .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13)قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قال يعقوب لهم: إني ليحزنني أن تذهبوا به معكم إلى الصحراء ، (31) مخافة عليه من الذئب أن يأكله، وأنتم عنه غافلون لا تشعرون . (32)* * *----------------------الهوامش:(31) انظر تفسير" الحزن" فيما سلف ص : 142 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .(32) انظر تفسير :" الغفلة" فيما سلف ص : 551 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
﴿ قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ﴾